والاستثناء من الخبر، وإلا أداة الاستثناء، والله هو المستثنى بإلا، وهو الإله الحق وعبادته حق وقوله الحق.
والصحيح أنه مخرج من اسم لا وحكمه كما قرره العلامة ابن القيم -رحمه الله تعالى-، والأدلة على هذا في القرآن أكثر من أن تحصر، وقد صرحت بذلك الآيات المحكمات كقوله تعالى: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ ١، وهذا هو المنفى بلا في كلمة الإخلاص.
وقوله: ﴿وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ ٢ هو معنى إلا الله، وهذا هو الذي أمر الله نبيه ﷺ أن يدعو أمته إليه، وما خالف هذا فهو تلبيس وتشبيه وبهرج وباطل. نعوذ بالله من كل قول يؤخذ عن غير القرآن، وعن غير ما دان به أهل الإسلام والإيمان.
ما يقتضيه إعراب المعترض لها من الفساد
ثم إن هذا الرجل انتهى أمره فيما كتبه إلى أن زعم أن المنفي بلا كلي، وهذا الكلي منوي ذهنا لا يوجد منه في الخارج إلا فرد، وذلك الفرد المنفي بلا هو المستثنى بعينه وهذا صريح كلامه وأتى فيه بثلاث عظائم هي إلى الكفر أقرب منها إلى الإيمان:
(الأولى): أنه زعم أن المنفي بلا كلي لا يوجد إلا ذهنا، فعنده أنها لم تنف طاغوتا ولا وثنا ولا صنما ولا غيرها مما يعبد من دون الله. فخالفوا أيضا أهل المنطق، فإن الكلي عندهم مقول على كثيرين مختلفين بالعدد دون الحقيقة، ولم يقولوا: إنه منوي لا يوجد منه في الخارج إلا فرد.
(الثانية): أنه زعم أن ذلك الفرد الذي لا يوجد غيره، لما كان منفيا بلا صار ثابتا بإلا، وهو فرد واحد، فصار الإله عنده متصفا بالنفي والإثبات، والنفي والإثبات في فرد نقيضان، ومقتضاه أن هذا الفرد صار أولا باطلا؛ لأنه منفي ثم صار حقا؛ لأنه استثني بإلا، فاجتمع فيه الوصفان. نعوذ بالله من هذا التهافت والإلحاد والتناقض والعناد.
_________
١ سورة يونس آية: ١٠٤.
٢ سورة يونس آية: ١٠٤.
1 / 338