لها شركة في العبادة التي هي حقه، ومثلها بالله في عبادته لها، واتخذها أربابا وأولياء، وكل هذا في القرآن كما قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ ١.
وقد تقدم كلام العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى على هذه الآية العظيمة. وقال تعالى: ﴿وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ﴾ ٢. وقال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ٣. وقال: ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ﴾ ٤.
وهذا في القرآن كثير، فصارت تطلق عليها هذه الأوصاف بجعل عابديها واتخاذهم لها كذلك بعبادتهم وإرادتهم كما تقدم بيانه في هذه الآيات، كما في قوله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ﴾ ٥. ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا﴾ ٦، فصارت آلهة بالفعل والاتخاذ والإرادة والقصد، واستشهد العلماء على ذلك بقول رؤبة بن العجاج:
لله درّ الغانيات المدّه ... سبحن واسترجعن من تألهي
أي: من تعبدي، وتقدم كلام صاحب القاموس على هذا المعنى. وقرأ ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾ ٧ أي: عبادتك قال: لأنه كان يعبد وتقدم تقرير هذا في كلام العلماء.
وهذا يبين أن كل معبود إله، حقا كان أو باطلا؛ لأنه قد ألهه العابد بالعبادة، وتبين بهذا أن هذا الرجل يتكلم في هذه الأمور بلا علم، ويأتي بما يخالف القرآن واللغة والسلف والعلماء، ويتناقض.
الإله المنفي في كلمة الإخلاص
ومن فرط جهله قوله: (وبهذا تعين فساد ما توهم من أن الإله المنفي بلا، في الكلمة الطيبة هو المطلق غير المقيد بالحق أو الباطل) وهذا القول الذي أقر بفساده هو الذي قاله آنفا وبينا فساده في محله، فتأمل ما في هذا الكلام من الفساد والضلال، فإنه جعل المنفي في كلمة الإخلاص قابلا للوصفين أي: الحق والباطل، فإنه لا شك أن الإله المنفي باطل. ولا بد من
_________
١ سورة البقرة آية: ١٦٥.
٢ سورة القصص آية: ٦٤.
٣ سورة التوبة آية: ٣١.
٤ سورة الكهف آية: ١٠٢.
٥ سورة يس آية: ٧٤.
٦ سورة مريم آية: ٨١.
٧ سورة الأعراف آية: ١٢٧.
1 / 336