(فالجواب): أن قوله: ثم استعمل في العرف أي: بعد أن كان الإله المعبود لغة غير مقيد بقيد الحقيقة والبطلان كما تقدم صريحا في كل أمة. فليت شعري، متى هذا العرف الذي وضع للألفاظ اللغوية معناها؟ ومن هم أهل هذا العرف؟ هل كانوا في قوم نوح أو قوم هود، فيسأل هذا متى كانوا؟ فما أقبح هذه الأقوال المختلقة التي غايتها التمويه والتلبيس! فلا منقول ولا معقول ولم يسبقه إليها أحد.
وقدم تقدم ما يلزم على هذا القول من اللوازم الباطلة، فتبين أن قوله هذا كذب على اللغة لا يعرف عن أحد لغوي ولا عن عربي، والعرف لا يغير اللغة عن أصلها لفظا ومعنى.
وهذه كتب اللغة كالقاموس وصحاح الجوهري وغيره ليس فيها ما يدل على هذا القول الباطل، فيكون قد كذب على اللغة والعربية وعلى غيرها من اللغات، وعلى كتاب الله وسنة رسوله.
وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله تعالى-: الإله هو الذي تألهه القلوب محبة ورجاء وتوكلا وغير ذلك من أنواع العبادة، وهذا قول أهل السنة قاطبة لا يختلف فيه اثنان.
وأما قوله: على الأغلب والأكثر على المعبود بحق فمفهومه أنه يستعمل في غير الأغلب والأكثر على غير المعبود بحق، فهذا صحيح لكنه لا يختص بالعرف بل هو في اللغة كذلك، فإذا كان يطلق على غير المعبود بحق كما تفهمه كل أمة، فهذا حجة عليه؛ فإن جميع الأصنام والأوثان وما يعبد من دون الله كلها آلهة معبودة بغير حق، باطلة بكلمة الإخلاص لا إله إلا الله. ففيها النفي والإثبات، كما سيأتي بيان ذلك.
وكل ما نفته لا إله إلا الله من الأصنام والأنداد فليس كليا لا يوجد إلا ذهنا كما يقوله المفتري أفلاطون الفيلسوف وشيعته، وإنما كانت أشخاصا متعددة يباشرها عبادها بالعبادة بالدعاء، والاستغاثة والاستشفاع بها، والعكوف عندها، والتبرك بها كأصنام قوم نوح، وأصنام قوم عاد القائلين: ﴿إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ
1 / 330