فقال القاضي أبو الطيب: عندي أن الإعادة واجبة عليه؛ لأنه لم يثبت عنده طهارة الماء بأمارة.
وقال الشيخ أبو حامد: يتيمم ويصلي ويعيد؛ لأنه لم يثبت عنده طهارة الماء بعلم، ولا بغلبة ظن.
قال ابن الصباغ: وما قاله القاضي أشبه بأصل الشافعي ﵀ وما قاله الشيخ أبو حامد أقيس.
[فرع: الاشتباه على رجلين]
إذا كان مع رجلين إناءان فيهما ماء: أحدهما طاهر، والآخر نجس، واشتبها عليهما، فأدى اجتهاد كل واحد منهما إلى طهارة أحدهما.. توضأ كل واحد منهما بما أداه إليه اجتهاده، ولم يجز لأحدهما أن يأتم بالآخر.
وقال أبو ثور: (يجوز؛ لأن كل واحد منهما صلاته صحيحة) وهذا خطأ؛ لأن كل واحد منهما يعتقد أن إمامه توضأ بالنجس، فصلاته باطلة، ولا يجوز له أن يعلق صلاته بصلاة يعتقدها باطلة.
وإن كان هناك ثلاثة أوان، وثلاثة رجال، فإن كان فيها طاهر ونجسان، فأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى طهارة إناء، وتوضأ به.. لم يأتم أحدهم بالآخر على المذهب، وعليه التفريع. وإن كان فيها نجس وطاهران، وأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى طهارة إناء وتوضأ به.. فهل يجوز لبعضهم أن يأتم بالبعض؟ فيه وجهان:
أحدهما - حكاه المسعودي [في " الإبانة ": ق \ ١٠] عن ابن القاص -: أنه لا يجوز؛ لأن كل واحد منهم يقول: يحتمل أن إمامي استعمل النجس.
والثاني - وهو قول ابن الحداد وهو المشهور -: أنه يجوز؛ لأنه قد بقي هناك طاهر غير الذي استعمله هو، فيجوز أن يكون إمامه هو الذي استعمل الطاهر، وأن النجس استعمله غيرهما.
فعلى هذا: إذا تقدم أحدهم فصلى بهم الصبح، وتقدم آخر وصلى بهم الظهر، وتقدم الثالث وصلى بهم العصر.. فإن صلاة الصبح صحيحة في حق جميعهم.
وأما صلاة الظهر: فصحيحة في حق إمامها وإمام الصبح، باطلة في حق إمام
1 / 65