فعلى هذا: إذا صب الجنب على رأسه ماء، فإن نزل الماء عن رأسه متصلًا على ظهره، أو على عنقه.. أجزأه النازل من رأسه عما مر عليه بعد رأسه.
وإن كان له شعر كثير، فوقع الماء على الشعر، ثم تقاطر من أعلى طبقات الشعر ماء، ومر في الهواء إلى ظهره، أو بطنه.. لم يجزئه عما وقع عليه بعد انفصاله من الرأس في الهواء؛ لأن بنفس الانفصال عنه في الهواء قد صار مستعملًا.
[فرع: وضوء الحنفي بماء قليل]
وإن توضأ الحنفي بماء قليل.. فهل يصير مستعملًا؟ فيه ثلاثة أوجه، بناء على جواز الائتمام به:
أحدها: إن نوى الطهارة به.. صار مستعملًا؛ لأنه ارتفع به حدثه، وإن لم ينو به الطهارة.. لم يصر مستعملًا؛ كما لو توضأ به الشافعي من غير نية.
والثاني: أنه لا يصير مستعملًا بحال؛ لأنه يتوضأ من غير نية، وإن أتى بالنية.. اعتقدها غير واجبة، فلم يزل الماء عن حكمه.
والثالث: أنه يصير مستعملًا وإن لم ينو الطهارة؛ لأنه يحكم بصحة صلاته، بدليل أنه لا يباح قتله، ولو كانت صلاته غير صحيحة.. لكان بمنزلة من لم يصل، أو بمنزلة من صلى بغير طهارة في إباحة قتله، وهذا لا يقوله أحد.
[فرع: ماء وضوء الكافر والمرتد]
وإن توضأ الكافر الأصلي، أو المرتد، أو اغتسلا من الجنابة، أو اغتسلت الذمية من غير حيض، ولا نفاس.. فإن الشيخ أبا حامد، والمسعودي [في " الإبانة ": ق \ ٣] قالا: لا يصير الماء المنفصل عنهم مستعملًا وجهًا واحدًا؛ لأنه لا يجوز لهم تأدية الصلاة بتلك الطهارة.
وإن اغتسلت الذمية من الحيض، أو النفاس.. فهل يصير الماء المنفصل عن أعضائها الطاهرة مستعملًا؟ فيه وجهان، بناء على الوجهين في وجوب إعادة غسلها بعد إسلامها.
1 / 47