فقولنا: (حيوان لا يؤكل بعد موته) احتراز من الحوت، والجراد.
وقولنا: (لا لحرمته) احتراز من الآدمي إذا مات، وقلنا: إنه طاهر.
وأما ابن المنذر فقال: لا أعلم أحدا قال: إنه ينجس ما وقع فيه غير الشافعي.
إذا ثبت هذا: فنقول: فإن كثر من ذلك ما غير الماء، فإن قلنا: إن الماء ينجس بوقوع ذلك فيه وإن لم يغير صفته.. فهاهنا أولى. وإن قلنا هناك: لا ينجس.. فهاهنا وجهان:
أحدهما: ينجسه؛ لأنه ماء تغير بالنجاسة.
والثاني: لا ينجسه؛ لأن ما لا ينجس الماء القليل، إذا وقع فيه ولم يغيره.. لم ينجسه وإن غيره، كالسمك والجراد.
فإذا قلنا بهذا: فإنه يكون طاهرًا غير مطهر، وكذلك إذا تغير الماء بالسمك والجراد.. كان طاهرًا غير مطهر. ذكره الصيدلاني.
هذا إذا كان الحيوان غير متولد في نفس الشيء. فأما إذا كان متولدا في نفس الشيء، كدود الخل، والجبن، ودواب الباقلاء، فإن مات فيما تولد فيه.. لم ينجسه قولا واحدا؛ لأنه لا ينفك منه، وإن نقل منه إلى غيره ومات فيه.. فهل ينجسه؟ على القولين في الذباب إذا وقع في ماء قليل، وما له نفس سائلة مما لا يعيش إلا في الماء كالسلحفاة إذا قلنا: لا يحل أكله، والضفدع إذا مات في ماء قليل.. فإنه ينجسه قولًا واحدًا.
وقال أبو حنيفة: (لا ينجسه، كالسمك) .
دليلنا: أنه حيوان له نفس سائلة لا يحل أكله، فينجس الماء القليل بوقوع ميتته فيه، كحيوان البر.
قال الصيدلاني: ودود الميتة نجس العين؛ كولد الكلب، وأراد بذلك: الدود المتولد في نفس الميتة، أنه نجس العين لا يطهر بالغسل، كولد الكلب، وكذلك عند البقلة النابتة في العذرة وسائر النجاسات.
1 / 34