Fethin Kahramanı İbrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Türler
أما الجنود السوريون في جيش محمد علي، فكان المتفق عليه بين الأميرال تشارلس نابييه وبوغوص بك وكيل خارجية محمد علي أنهم يرجعون إلى بلادهم حال وصول جيش إبراهيم إلى مصر، فبعد مفاوضات طويلة بين القنصل الإنكليزي ومحمد علي، أمر محمد علي بإعادتهم، ووصل القسم الأول إلى بيروت في شهر سبتمبر سنة 1843، ووصل القسم الثاني بعد شهرين، وكان عددهم جميعا نحو عشرة آلاف. •••
خرج جيش إبراهيم من سوريا عائدا إلى مصر بعدما أقام فيها من 31 أكتوبر 1831 إلى 20 فبراير 1842، فاكتسح الجيش التركي في أربع معارك كبيرة، ولو شاء وشاءت أقدار السياسة لدخل إستامبول، ولو شاء وشاءت السياسة لجعل هذا الحكم المصري من حدود النمسا إلى حدود إيران فبحر الهند في آسيا، ومن مصر إلى الجزائر ومنها إلى زنجبار فالمحيط الهادي في أفريقيا. ولكنه غادر مصر ولاية يولي الباب العالي عليها من شاء، وعاد إليها وحكم مصر مقرر بين الدول لمحمد علي ولذريته بعده إلى ما شاء الله.
فماذا ترك بعده في سوريا من آثار السنين العشر؟ هنا وفي هذا الموضوع الذي لمسناه مرارا إبان الكلام عن البطل إبراهيم، ندع الكلام للمؤرخ الفاضل سليمان بك أبو عز الدين في كتابه «إبراهيم باشا في سوريا»، قال:
زالت حكومة محمد علي من سوريا بانسحاب جنوده منها، أما تأثيرها فلم يزل مع ذلك الانسحاب؛ لأنها أحدثت في نظام الأحكام انقلابا عظيما، فأدخلت أنظمة جديدة على الإدارة والقضاء والمالية والجندية، وكان لذلك تأثيرات جمة في حياة البلاد الاجتماعية والأدبية والاقتصادية والإدارية والسياسية، منها ما كان بعيد المدى، فاتصل تأثيره بوقتنا الأخير.
فمن التغييرات الاجتماعية التي نشأت عن حكم محمد علي: إطلاق الحرية الدينية، ونشر الروح الديموقراطية بالضرب على أيدي الزعماء والمتغلبين ونزع السلطة من أيديهم، وإنشاء العلاقة ما بين الشعب وحكامه مباشرة، وتأليف مجالس مشورة تمثل الشعب بعض التمثيل، ومع حق النظر في الشئون المحلية بعد أن كان النظر في جميع الشئون منوطا بحكام مستبدين.
وقد كان لوجود إبراهيم باشا في سوريا تأثير في بساطة المظهر بعد أن كان كبار البلاد يباهون بالملابس الفاخرة والمظاهر الخلابة وكثرة الأتباع، وكانوا يقلدون في ذلك الحكام العثمانيين. أما إبراهيم باشا، فكان ميالا بفطرته إلى بساطة المظهر والتخشن في المعيشة، ولعل حياته الجندية زادته استمساكا بذلك.
ويروون أنه لما جاء إبراهيم باشا بجيشه إلى لبنان وحل بدير القمر، أقام في منزل صغير، وذهب ذات ليلة لزيارة الأمير بشير زيارة غير رسمية، فلم يستصحب أحدا من حاشيته، بل كان معه أحد خدمه، فقضى السهرة عند الأمير. وكان الأمير قبل ذلك لا يعهد في الوزراء سوى مظاهر الأبهة والترفع عن الناس، فلا تتحرك ركابهم من مكان إلى مكان إلا وهم مرتدون الملابس الفاخرة محوطون بالجند والعظماء. وكان الأمير نفسه ومن دونه من الزعماء يجرون على الخطة ذاتها. أما بعد أن تلقى هذه الزيارة الودية من إبراهيم باشا، فلم يسعه إلا أن يحذو حذوه. وبما أن إبراهيم باشا - وهو ابن عزيز مصر ورأس الحكومة السورية وقائد الجيش العام - قد زاره ومعه خادم واحد، فحفظا للنسبة بين المقامين رد الأمير بشير الزيارة لإبراهيم باشا وحده وليس معه أحد.
وفي عهد إبراهيم باشا طرح الأمير بشير وأولاده العمائم واستبدلوا منها الطربوش المغربي اقتداء بمحمد علي وإبراهيم ورجالهما، فتبعهم في ذلك كبار البلاد وسواهم.
وقبل دخول إبراهيم باشا سوريا لم يكن مباحا للمسيحيين أن يلبسوا العمائم البيضاء أو الخضراء أو الحمراء، وكانت محظورة عليهم أمور أخرى كثيرة. وكانت تولية النصارى أعمال الحكم نادرة جدا، فأزالت حكومة محمد علي هذه الفوارق، وأباحت للمسيحيين كل ما يباح للمسلمين من لباس، وركوب الخيل، ومن الحقوق الأخرى الاجتماعية والوطنية، وقلدت الكثيرين من المسيحيين الوطنيين والإفرنج الوظائف في الجيش والدولة، ومنحتهم الرتب والألقاب. ويروون عن حنا بك بحري الذي كان يتولى منصبا عاليا في حكومة سوريا، أن زملاءه المسلمين ما كانوا يعاملونه بالإكرام الذي يستحقه منصبه، وكان محمد علي قد منحه رتبة ميرميران، فشكا إلى إبراهيم الذي دخل مرة مجلسا ضم كبار القوم وبينهم حنا بحري بك، فنهضوا واقفين، فقال إبراهيم باشا: «يا بك تفضل»، ولم يذكر اسمه، فتقدم موظف آخر اسمه حافظ، فقال له إبراهيم: أنا أريد «بحري بك»، فلما دنا منه قرب مجلسه وأجلسه وأمر الآخرين بالجلوس ، فبعد هذا الحادث صاروا يعاملون بحري بك بالإجلال.
ساوت حكومة محمد علي بين الرعايا على مختلف الأديان والمذاهب، ولم يكن قبلها يساوى بين المسلم والذمي، وسوت بينهم بالضرائب والحقوق، ولكنها كانت تكلف النصارى دفع الخراج مقابل تجنيد المسلمين.
Bilinmeyen sayfa