Fethin Kahramanı İbrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Türler
وكان من الذين تولوا تحصين عكا بأمر محمد علي أحد المهندسين الطليان. فقبل أن يبدأ الأسطول بضرب الحصن لجأ هذا المهندس إلى الأسطول الإنكليزي وسلمه خريطة الحصن، فكان الأسطول يضرب نيرانه إلى المكان الحيوي منه، إلى أن تمكن من إصابة مخازن الذخيرة، وكانت مخازن كبيرة جدا فانفجرت انفجارا ارتجت له الأرض في تلك البلاد، وسمع دويه إلى أقصى جهات سوريا وفلسطين، وهلك بذلك الانفجار 1500 جندي من الحامية، ودمرت الحصون والأبنية، ولم يبق أمام الحامية إلا الخروج؛ لأن المدينة تحولت إلى قطعة من جهنم، حتى قال أحد الشعراء:
قالوا بأن جهنما تحت الثرى
ما لي أراها فوق عكة تضرم
لو لم تكن دار الشقاوة عكة
ما أمطرتها بالشرار جهنم
وانجلت هذه المعركة عن ألفي قتيل وجريح من الحامية المصرية في تلك المدينة، وعن ثلاثة آلاف أسير. وبين الأسرى رئيس المهندسين يوسف أغا، وهو رجل بولوني كان اسمه الأصلي الكولونيل سولتز، وبعد الاستيلاء على هذا الحصن أقام الأميرال الإنكليزي فيها حامية تركية عددها ثلاثة آلاف رجل، وحامية صغيرة أوروبية عددها 250 رجلا، وأبقى في مائها سفينتين حربيتين، وأخذوا بالتحصين والامتناع فيها؛ لأنهم كانوا يخافون هجوم إبراهيم على السواحل في فصل الشتاء لاستخلاصها من أيديهم عندما تصبح الأساطيل عاجزة عن القتال وعن مقاومته.
وبعد الاستيلاء على عكا اتجه أسطول الحلفاء إلى يافا واستلمها بلا قتال.
ولتخوف الإنكليز من حلول فصل الشتاء قبل إنهاء المسألة، أرسلوا الأميرال نابييه إلى مياه الإسكندرية بأسطول كبير ليضغط على محمد علي، فوصل هذا الأسطول في 21 نوفمبر يقود ست سفن كبيرة. وفي يوم 22 وجه رسالة إلى بوغوص بك وكيل خارجية محمد علي يقول فيها: «إن إسكندرية ليست أمنع من عكا، وإن الفرصة سانحة لمحمد علي أن يؤلف إمارته وحكم الوراثة في أسرته.» فرد عليه بوغوص بأن تبعة الحرب في سواحل سوريا لا تقع على محمد علي، بل هي تقع على الحلفاء الذين أرسلوا إليه بلاغهم باسم السلطان. فرد عليه بأنه خاضع للسلطان، وبأنه يسلم بأن يكون حكم مصر له ولسلالته من بعده كما عرضوا عليه، ولكنه التمس في الوقت ذاته من السلطان أن يمنحه حكم سوريا مدى حياته، وأن يضيف إلى منحته الأولى المنحة الثانية؛ لاعتقاده بأن سوريا إذا ظلت تحت إدارته تدر الخير والبركة على السلطنة. فبدلا من الرد على هذا الطلب، قابلوه بحكم الخلع من الحكم وبالعدوان في كل جهة، فغنم نابييه فرصة هذا الجواب لفتح باب المفاوضة بالصلح والاتفاق مع محمد علي؛ لأنه وجد في لهجة الجواب ميلا صحيحا إلى الاتفاق. وقد كان الأميرال نابييه من الإنكليز المعجبين بمحمد علي والمعترفين بحسن إدارته، فوضع نصب عينيه الوصول إلى الاتفاق معه، معتمدا - في مؤازرته - على جماعة كبيرة من الإنكليز كانوا يقولون باكتساب صداقة مصر المستقلة، بدلا من إعادة مصر لحكم الباب العالي، وبدلا من جعلها مستعمرة إنكليزية تكون عبئا على عاتق إنكلترا، فضلا عن أن مصر تخرج بهذه الطريقة من يد فرنسا وترتمي في حضن إنكلترا.
على هذه القاعدة بدأ الأميرال نابييه مفاوضاته مع محمد علي، وعلى هذه القاعدة توصل إلى الاتفاق المعروف باتفاق 27 نوفمبر دون استشارة رئيسه الذي كان يقاوم ذلك كل المقاومة، واتفاق 27 نوفمبر هو الذي يجعل حكم مصر والسودان وراثيا في بيت محمد علي. •••
بعد استيلاء الحلفاء على سواحل سوريا بمعاونة الثوار في لبنان، وبعد تنازل الأمير بشير عن الحكم وانضمام خلفه إلى الحلفاء، ظل ماثلا أمام عيونهم شبح الفشل: (1) من قوة إبراهيم التي حشدها كلها بين لبنان ودمشق، وهي لا تقل عن 50 ألفا. (2) مذكرة فرنسا إلى الحلفاء في 8 أكتوبر بأنها تعتبر حرمان محمد علي من ثمرة انتصاراته والإقدام على تنفيذ قرار السلطان بعزله مدعاة للحرب. (3) قرب فصل الشتاء واضطرار الأساطيل إلى الانسحاب من مياه سوريا ومصر. (4) ظهور الانقسام في دول الحلفاء مخافة أن تقع الحرب في أوروبا ويقع حملها على النمسا وبروسيا وحدهما، خدمة لمآرب إنكلترا التى تريد الاستيلاء على مصر. (5) اشتداد ميل الرأي العام في أوروبا كلها نحو محمد علي وإبراهيم، واستنكار معاملتهما بذلك الظلم الصارخ. لذلك كان مشروع فرنسا وتنفيذه هو وحده المنقذ من ذلك الموقف المحفوف بالخطر، وهذا المشروع هو الذي يبقي على السلطان وحكمه، بالرغم من انهيار ملكه، لحفظ التوازن في أوروبا، ويبقي على محمد علي وحكمه بمصر في سلالته؛ لأنه اكتسب ذلك بباعه وذراعه، ولأن حكمه حكم إصلاح وتقدم ورقي على أحدث الأساليب ومبادئ الحضارة.
Bilinmeyen sayfa