Fethin Kahramanı İbrahim
البطل الفاتح إبراهيم وفتحه الشام ١٨٣٢
Türler
حمل إبراهيم علم مصر عاليا من سنة 1814 إلى سنة 1840، فما نكس بيده مرة واحدة، بل رفرف هذا العلم بيده والنصر معقود بأهدابه في الجزر اليونانية وبلاد اليونان والصرب وفي أفريقيا والأناضول وبلاد العرب وسوريا.
وإذا كان إبراهيم قد اشتهر بصلابته في القتال، فإنه قد اشتهر أيضا بصلابته في العدل بين الناس، حتى بات إلى اليوم مضرب المثل بالعدل في بلاد الشام التي حكمها ثماني سنين، فلم يكن الحاكم العسكري فقط، بل كان العسكري المصلح الذي بقيت آثاره هناك إلى اليوم، ولا يزال الناس يتغنون بعدله إلى الآن ويضربون على ذلك الأمثال.
وهذا ما حمل بعض الأدباء في لبنان إلى مكاتبة أصدقائهم هنا بأن تؤلف لجنة من المصريين والسوريين لإقامة عيد السنة المائة لاستيلاء إبراهيم على بلاد الشام من حدود صحراء سينا حتى جبال طوروس. وإبراهيم هو الذي نظر مع والده إلى وحدة هذه البلاد، فلما تألبت عليه الدول وقررت أن تكون حدود مصر سيناء، رأى إبراهيم ورأى والده أن تتلقى العلوم في المدراس المصرية العالية مجانا طائفة من أبناء تلك البلاد، وأن يكتب على شهاداتهم التي ينالونها ما يشعر بذلك؛ لتكون دليلا على عطف مصر وإخائها. وظل الحال على هذا المنوال إلى أن كان الاحتلال الإنكليزي، فقطع هذه الصلة الروحية بعد أن قطعت الدول الصلة المادية بإقامة الحدود التي محاها إبراهيم بسيفه.
كثرت أساطير الناس وأقاويلهم عن إبراهيم، فإذا لم تكن تلك الأساطير والأقاويل صحيحة، فإنها تدل فقط على اعتقاد الناس بحكمته وعدله؛ فقد رووا أنه لما عزم محمد علي على استئناف النضال في بلاد الوهابيين - بعد وفاة ابنه طوسون الذي عقد هدنة مع زعيم الوهابيين - جمع قواده ورجال الحكم والسلطة وبسط لهم إرادته، وبعد ذلك أمر ببسط إحدى الطنافس الكبيرة في الدار ووضع في وسطها تفاحة، وقال: إن الذي يتناول التفاحة بيده ويقدمها لي دون أن يمس السجادة أوليه قيادة الحملة. فأخذ الحاضرون يتطاولون إلى التفاحة بلا جدوى، إلى أن جاء دور إبراهيم وكان قصير القامة، فلم يزد على أنه تناول طرف الطنفسة بيده وطواها إلى أن وصل إلى التفاحة، فتناولها وأعطاها لأبيه، فولاه قيادة الجيش.
لا شك في أنهم يقولون ذلك ويبتدعونه كما ابتدعوا حكاية البيضة وكريستوف كولمب إذ ازدرى حساده بعمله أمام الملك، فطلب منهم أن يوقفوا بيضة على رأسها، فلما أعجزهم الأمر تناول البيضة وكسر أحد رأسيها فوقفت!
ويروي أهل الشام عن عدله، أن عجوزا شكت إليه جنديا أكل تينها اغتصابا، فأتى بالجندي وسأله فأنكر، فقال للمرأة وقال للجندي: إني سآمر ببقر بطنه فإذا وجدت فيه بزر التين أكون قد أنصفتك منه، وإلا فإني ألحقك به. فارتضت، ووجد بزر التين بأمعاء الجندي - أسطورة عندهم على عدله. •••
قبل أن نتكلم عن فتح الشام والأناضول نحتاج مع القارئ إلى استعراض الحالة السياسية في ذاك العصر؛ لنعرف كيف اندفع محمد علي إلى الفتح، والسبب الذي دفعه، وماذا كانت مهمة إبراهيم في بلاد اليونان وبلاد العرب، ولماذا وكيف دكت تلك الإمبراطورية التي ألفها إبراهيم بسيفه ومحمد علي بحكمته. وقد وصف المؤرخ «جوين» محمد علي بقوله: «سلك مسلك الثعلب أحيانا، ومسلك الأسد دائما، فألقى بالعثمانيين بأيدي المماليك، وبالمماليك بأيدي الألبانيين، وبهؤلاء بأيدي المصريين. وهدم أربعة ولاة دون أن يخشى الجلوس على أريكة مزعزعة، حتى قالوا إن صعوده إلى تلك الأريكة كان عملا عظيما جدا، ولكن بقاءه على تلك الأريكة كان أعجوبة.»
كانت تركيا مريضة تحتضر، ولم يكن يمنع الدول عن اقتسامها سوى اختلافهم على ذلك الاقتسام. وكانت مصر مطمح أنظار الفرنساويين، فبعد أن أخرج الإنكليز جيش نابليون منها وفسخوا معاهدة «أميين» التي كانت تقرر الاحتفاظ بمصر كما هي، تطلعوا إلى بسط حمايتهم عليها بواسطة المماليك الذين كانوا يحكمونها. وكانوا فيها حلفاء الإنكليز الذين كانوا قد قدموا للباب العالي اقتراحا بإثبات هذه الحماية، فأرسل الفرنساويون قنصلهم دي ليسيبس إلى مصر ليبحث عن الرجل الذي يستطيع مقاومة الإنكليز إذا هم حاولوا الاستيلاء على مصر، فوجد ضالته بمحمد علي، فبذل له كل مساعدة، ووجد محمد علي بالعلماء أصحاب السيطرة أكبر عون، فاختاروه واليا وطردوا الولاة الثلاثة الذين عينهم الباب العالي؛ لأن البلاد كانت قد ضجرت وملت حكم المماليك، وأراد الإنكليز احتلال البلاد فتمكن محمد علي من طردهم بعد احتلال الإسكندرية ستة أشهر، وكانت تابعة للباب العالي فضمها محمد علي إلى حكم البلاد.
وعرف أن الإنكليز هم أعداؤه السياسيون، فحاول الاتفاق معهم، ولكن حكومتهم فضلت اتباع سياسة هدمه على سياسة محالفته، وظلت هذه السياسة سياستهم حتى النهاية، واحتكر محمد علي الغلال، فاستطاع أن يؤلف جيشا ويبني أسطولا، وأن يضع أمام عينيه امتلاك بلاد العرب وسوريا والعراق وتأليف إمبراطورية عربية.
ولم يفاجئ محمد علي حكومة إستامبول برغبته في أن يتولى حكم سوريا، بل طلب ذلك من صارم بك رسول السلطان إليه، كما طلبه من نجيب أفندي الرسول الثاني، ولكنه قرن الطلب بأن يكون حكم مصر وسوريا وراثيا، وكانت حكومة السلطان تجعل الحكم في البلاد إقطاعيا، فلا يهمها إلا أن يدفع الوالي المال، فإذا تقدم آخر بالزيادة ولته وخلعت الذي تتقدمه. أما الحكم بالتوارث فلم تكن تسلم به، وبلغ ما عرضه محمد علي على الباب العالي مقابل حكم سوريا 60 ألف كيس في السنة - الكيس 500 قرش - فعرض الباب العالي عليه حكم المورة وكريد وقبرس وهو يعلم بضياعها، وحكم بلاد العرب وهو يعلم أنها عبء ثقيل على حاكمها. ولكي ينفذ محمد علي خطته أخذ منذ سنة 1825 يعد الأنصار والأصدقاء في بلاد الشام، فتوسط لدى الباب العالي بأن يعين عبد الله باشا الخازنه جي واليا على عكا. وعكا هي مفتاح سوريا، وقد ثبتت في وجه نابليون ولم يستطيع فتحها، فارتد عنها واستعان القائد الفرنساوي بأمير لبنان بشير الثاني فلم يعنه، واحتاج عبد الله باشا إلى المال ليدفعه للباب العالي فأمده محمد علي.
Bilinmeyen sayfa