بوحي مثله في درجته.
وهذا يدلّ على أنّ النّسخ كما يكون في القرآن، فإنّه يكون في
السّنّة، إذ تساويا في كونهما وحي الله وتنزيله، القرآن بلفظه ومعناه، والسّنّة بمعناها، كما يحقّق ذلك عموم قول الله تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ٢ وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ٤ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ٥ [النّجم: ٢ - ٥]، وقول الله ﷿: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: ٧]، وعموم الآيات الآمرة بطاعة الرّسول ﷺ، والنّصوص النّبويّة تواترت في هذا المعنى، ومن صريح ذلك حديث المقدام بن معدي كرب، ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ:
«أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك شبعان على أريكته يقول:
عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه، ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهليّ، ولا كلّ ذي ناب من السّباع، ولا لقطة معاهد إلّا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه» (١).
(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٢٨/ ٤١٠ رقم: ١٧١٧٤) وأبو داود (رقم:
٤٦٠٤) وابن نصر في «السّنّة» (رقم: ٢٤٤، ٤٠٣) والطّبراني في «الكبير» (٢٠/ رقم: ٦٦٨، و٢٠/ رقم: ٦٧٠) وغيرهم، من طرق عن حريز بن عثمان، عن عبد الرّحمن بن أبي عوف، عن المقدام، به.
قلت: وإسناده صحيح، وله طرق غير هذا.