لأنها زائدة، ويمكن الحروف الأخرى أن تؤدي عملها. (3)
يجب ألا ينطق الحرف، ساكنا كان أم متحركا، إلا بصورة واحدة.
هذه هي أهم التغييرات التي طلبها شو، وهنا نحتاج إلى أن نقول إن الأمريكيين قد أخذوا ببعض الإصلاحات للهجاء الإنجليزي، وحاول تيودور روزفلت - حين كان رئيسا للجمهورية في 1906 - أن يغير الهجاء لنحو 300 كلمة، وبعث بجدول لهذه الكلمات المصلحة إلى إدارات الحكومة ومكاتبها للأخذ بها في المراسلات الرسمية، ولكن الرأي هاج فسارع إلى سحبها.
ما الذي يجعل الناس يكرهون إصلاح اللغة أو إصلاح هجائها؟
إن الجواب على هذا السؤال لا يختلف من جوابنا على نفور الناس من تغيير عاداتهم، فالكلمات عادات وطرق الكتابة عادات، وتغيير العادة هو صدمة تؤلمنا، ونحتاج إلى بذل جهد كي نقبل هذا التغيير، والصدمة تكون بالطبع أوقع عند الكتاب الذين يمارسون الكتابة كل يوم، وهي كذلك أكثر من صدمة عند الخطاطين، إذا كان هذا التغيير يتناول الحروف؛ لأنه يكون عندئذ بمثابة قطع العيش.
ومع أن هذه الحركة لإصلاح الهجاء قد وقفها حكم المحكمة، فإن هناك من سوف يستأنفون هذا الكفاح؛ لأن القضية التي تبناها شو صادقة، تعمل للاقتصاد في العلم لأبناء الإنجليز كما تيسر هذا التعلم لأبناء الشعوب غير الإنجليزية، وفي العالم الآن ثلاث أو أربع لغات يحتاج إلى تعلم واحدة منها جميع المثقفين في أنحاء العالم كله، وعلى قدر الصحة في نطق الكلمات، والقدرة على التعبير، والخدمة للعالم، والاقتصاد في الوقت والجهد للأجانب في التعلم، على قدر هذا كله يكون التفوق لإحدى هذه اللغات حتى تغدو لغة عالمية.
والآن أرجو القارئ العربي أن يذكر أن شو أراد من إصلاح اللغة الإنجليزية أن يكون بها 12 حرفا للعلة - أي حرفا حركيا - بدلا من ستة حروف، فماذا نقول نحن وليس عندنا غير ثلاثة فقط؟
ولكن صعوبتنا لا تنحصر في علة الحروف الحركية وإنما هي في الانفصال عن الحركة العالمية الثقافية؛ لأننا لا نستعمل الحروف اللاتينية التي أخذ بها 600 مليون صيني قبل شهور، الحروف التي تستعمل مقاطعها لتأليف الكلمات العلمية والتي نتعب نحن عبثا في ترجمتها أو كتابتها بحروفنا العربية، ماذا نقول في هذا؟
شو والطب والأطباء
عاش برنارد شو طيلة عمره يحمل على الطب والأطباء، يقول عن الأول إنه مجموعة من الخرافات، ويصف الأطباء بأنهم ليسوا مخلصين؛ إذ يعلمون أن معارفهم قاصرة، وأن جراحاتهم خطرة، وأن علاجاتهم عقيمة، ولكنهم يكادون يكونون مرتبطين في مؤامرة، كل منهم يداري على أخطاء الآخرين ويزعم العلم أو الفن حيث لا علم ولا فن.
Bilinmeyen sayfa