ونحن نحكم بجلد المجرمين مائة جلدة، وألف جلدة، مع أن موسى قبل ثلاثة آلاف سنة كان يقنع بأربعين جلدة فقط.
وقد يقال إننا ألغينا الرق في القرن الماضي، ولكن الحقيقة أننا لم نلغه لأننا ارتقينا في الإنسانية على أسلافنا، وإنما لأنه لم يعد يصلح للإنتاج؛ إذ إن العامل المأجور ينتج أكثر من العبد المملوك.
وكل هذا الذي ذكرنا يدل على أن دعوانا في الارتقاء كاذبة، ولن نرتقي حتى نتطور إلى ما هو أعلى، أي حتى نتجه في الطريق الذي يسمو بنا إلى ظهور السبرمان من الإنسان.
9
ليست المخترعات برهانا على ارتقاء الإنسان؛ فإن ستيفنسون اخترع لنا القاطرة، ونحن جميعا نستعملها دون أن نرتفع إلى مستوى ستيفنسون في الذكاء ، ولكن لن نستطيع أن نكون مسيحيين إلا إذا كان كل فرد منا على مستوى المسيح نفسه في الأخلاق.
ركوبنا للقطار لا يقتضينا أن نكون أكثر تطورا وارتقاء من أسلافنا الرومان أو المصريين القدماء، ولكن اتخاذنا للأخلاق المسيحية، بحيث تصير جزءا من كياننا لا نجبر عليه بل نحبه، يعد تطورا.
نحن نتحدث عن تأميم الإنتاج كالزراعة أو الصناعة، ولكن يجب أيضا أن نفكر في تأميم التطور، أي التربية البيولوجية الانتخابية للإنسان، بحيث يرتقي الأحفاد على الجدود ويزداد الارتقاء جيلا بعد جيل حتى يأخذ السبرمان مكان الإنسان.
نحتاج إلى وزارة للتطور يكون لوزيرها مقعد في مجلس الوزراء، ويكون هدف هذه الوزارة ألا نحيى فقط، بل نحيى أحسن، بتحسين السلالة البشرية وسن القوانين التي تؤيد هذا التحسين.
اعتبر مثلا ما كانت تفعله الحكومة من منع المعلمات من الزواج؛ فإن هذا المنع قد تنتفع به الحكومة من حيث إدارة أعمالها، ولكن الضرر كبير حين نفكر، ونذكر أن أحسن النساء اللائي تعملن وعملن قد كافأناهن بالتعقيم مع حاجة التطور إلى أبنائهن، أليست المعلمة التي هدفت إلى الخدمة الجادة، ونجحت في مراحلها التعليمية، خير أم تنجب الأطفال؟
إننا لا نسمح للملوك بأن يتزوجوا أو يختاروا زوجاتهم كما يشاءون؛ لأننا ننظر من خلال زواجهم إلى مصلحة الدولة، وهذا مع أن الملوك ليس لهم شأن كبير في سياسة الدولة، ولكن الشأن الكبير لأبناء الشعب العاملين؛ ولذلك يجب ألا نتركهم يتزوجون ويتناسلون كما يشاءون وفق أهوائهم، إذ يجب أن نذكر المصلحة التطورية للشعب من زواجهم وتناسلهم.
Bilinmeyen sayfa