ولكن النظام الاشتراكي لا يهدف إلى الكسب وإنما إلى الخدمة؛ إذ لمن يكسب؟
هل الحكومة، وهي تؤدي خدمة عامة بالتعليم أو المواصلات أو الجيش تريد الكسب؟ ومن يحصل على هذا الكسب؟
هل الحكومة الإنجليزية بعد أن أممت مهنة الطب تريد الكسب؟
وهل هي حين أممت المناجم كانت تريد الكسب؟ ولمن تعطي هذا الكسب؟ •••
الاشتراكية في قصة قناة السويس هي التأميم، هي أن يملك الشعب المصري هذه القناة المصرية ويخدم بها العالم كله، بلا قصد إلى الكسب، كما يخدم الشعب المصري.
الانفرادية في قصة قناة السويس هي أن تستبد شركة بإدارته، وتزيد أجور العبور فيه كما تشاء بلا أي رقابة، وتعطي المساهمين الكسب الذي يطمعون فيه، فإذا طلبت الحكومة المصرية التأميم حرضت الشركة حكومتي فرنسا وبريطانيا على قتالنا.
جميع الحروب، بل جميع الاستعمار، هي نظام انفرادي في الكسب باستغلال العمال داخل بلادهم أولا، ثم استغلال العمال في الشعوب الأخرى المستضعفة مثل الهند ومصر وكينيا والجزائر ... إلخ.
وأخيرا نظام المباراة، النظام الانفرادي للكسب، هو نظام الأزمات المتواترة التي تحدث التعطل للعمال؛ فإن أزمة 1930 التي عمت العالم الانفرادي، والتي سبقتها ثم لحقتها أزمات قد أشاعت التعطل بين نحو ستين أو سبعين مليون عامل في أوربا وأمريكا، وكان معنى التعطل هنا الجوع والعري والمرض والموت؛ إذ لم تكن الشعوب الغربية قد عممت الضمانات ضد هذه الأزمات، وهي ضمانات مع ذلك لا تكفل سوى الحد الضروري للبقاء؛ أي لا تكفل للمتعطلين الحياة المتمدنة المثقفة.
وعلة التعطل أن أصحاب المصانع والمزارع والعقارات يجمعون بتوالي السنين مقدارا كبيرا من أجور العمال وإيجارات الأرض والعقارات، وتنتهي الحال بفقر الشعب الذي يتألف 95٪ من أفراده من العمال المأجورين أو التجار أو الساكنين المستأجرين، وعندئذ يعجزون عن شراء السلع التي تنتجها المصانع أو عن استهلاكها جميعا، وينتج من هذه الحال أخيرا الاستغناء عن العمال، وإقفال المصانع، أو الإقلال من الإنتاج بتعطيلها يومين أو ثلاثة أيام كل أسبوع، وهذه هي الأزمة، إنتاج كثير من المصانع والمزارع وعجز في الشعب عن الشراء، ثم تعطيل الإنتاج وطرد العمال، ثم الجوع والعري والمرض.
والنظام الانفرادي في قصة البترول العربي هو تسليمه لشركات شل وأرامكو وفاكييوم، الإنجليزية الفرنسية الأمريكية الهولندية، واستخدام العمال العرب بأتفه الأجور لاستخراجه، ثم توزيع الأرباح على المساهمين في لندن وباريس ونيويورك وأمستردام، مع بقاء العرب في الفقر والمرض والجهل.
Bilinmeyen sayfa