ومما زادها ألما وعذابا وشقاء بال أن زوجها المركيز «ڤلمورين» تنبه من رقدة غفلته، فأساء بها الظن وداخلته الغيرة عليها، وكان السبب في ذلك أنها رأت «ڤكتور» يؤانس «ماري» في محفل قوم من الوجهاء، فخانها الجلد وظهرت عليها الغيرة حتى تنبه لشأنها كل من كان في المحفل، واتصل الخبر بحمويها فنقلاه لابنهما بغية أن يحفظ حوبته، ويصون حرمته، فأقام على «أليس» العيون والأرصاد، ووقف لها بالمرصاد يراقبها نهارا وليلا، ولا يغفل عنها طرفة عين، وإن رأى غير شيء ظنه رجلا، وهذا شأن المغفلين إذا وقعت في الأمر شبهة، تولاهم فيه الطيش والعناد، وجاوزوا الحد في التوقي منه محتكمين بما يصوره الوهم، خائفين الخديعة من حيث لا تخاف، حتى يعنتوا من وقع منه ذلك الأمر بالمراقبة من غير موجب والرصد لغير علة.
ومع ذلك لم يمنع المركيز «ڤكتور» من دخول بيته، ولكنه أوجب على زوجته ألا تقبل منه الزيارة إلا ندرا، فكانت تلقاه ويلقاها حيث لا يشعر بهما رقيب ولا تراهما عين، وأقاما على هذه الحالة راضيين بها غير مباليين بالمشقة، حتى أحسا أن أرصاد المركيز يتبعون زوجته أيان سارت، فاعتراهما الوجل، فعاد إلى التوقي والاحتراز، وكان «ڤكتور» قد اتخذ في شارع «فوبورسنت أونوري» دارا كبيرة ذات قسمين، لكل قسم مدخل برأسه وبينهما باب لا يفتح إلا من جهة واحدة، فاختار لنفسه القسم الذي يفتح من جهته الباب، وجعل زوجته في الآخر مشترطا عليها ألا تدخل قسمه بالمرة، فلم تكن تلقاه إلا على المائدة في أوقات الأكل، وكانت المركيزة الحسناء تزوره في ذلك المنزل كلما سنحت لها فرصة، وغفلت عنها أعين الرقباء.
فأتته صباح يوم بلا وعد ولا خبر مضطربة راجفة لا تكاد تثبت على قدميها، وألقت بنفسها على المقعد وهي فاقدة الرشد فصاح «ڤكتور»: جعلت فداك، ماذا اعتراك؟! - قد اسودت الحياة في عيني، وصار الموت غاية ما أريد.
كفى بي داء أن أرى الموت شافيا
وحسب المنايا أن تكون أمانيا - واحيرتاه! ما الذي حل بنا؟ - نكثت عهدي وسلوت عني.
حتام حظي لديك حرمان
وكم كذا لوعة وهجران
أين ليال مضت ونحن بها
أحبة في الهوى وجيران؟
وأين ود عهدت صحته؟
Bilinmeyen sayfa