قلوب أهل الحب تبصر من
أسراره ما لا ترى الأعين
تحسبه مستترا خافيا
وهو صريح عندها بين
فإنه كان يخرج من المنزل ويعود إليه في أوقاته المعينة لذلك، ولا ترى منه زوجته غير الحب والائتلاف، ولا يجد منه أولاده غير الحنو والانعطاف مع سكينة ظاهرة عليه، إذا رآه من لم يعان الصبابة أيقن أنه خلو من الغرام، ولم تر عينه ما يتقد في قلبه من ناره ذات الضرام، ولا عجب؛ فإنها لا تبصر القلوب إلا عيون القلوب، وما كان «ڤكتور» خبيرا بأحوال الهوى بصيرا بأمور الحب ، ولكنه تلقن العلم بها ليلة المأدبة أو بعدها، فكتم جواه وأخفى هواجس هواه.
وأقامت المركيزة الحسناء في «سرڤيل» بعد المأدبة ستة أسابيع وأهل الناحية يتحدثون في أمرها وأمر «ڤكتور» ويكثرون فيهما الأقاويل، ولكن من غير شاهد أو دليل، فقد كان المحبان على حذر من الرقباء يكتمان الحب ويظهران خلو القلب كلما التقيا على مرأى من الناس، حتى كأن الذي بينهما معرفة قريبة العهد لا غرام موثق العهد، ولما سارت المركيزة إلى باريس تجلد «ڤكتور» للاعج الأشواق، وغصة الفراق، وزار أهلها في «سرڤيل»، ولم يكن على شيء من علائم الاكتئاب ودلائل الاضطراب، ولكنه لم يمض على ذلك غير بضعة أيام حتى أعياه التجلد وعناه الصبر، فبكر ذات يوم إلى غرفة زوجته وقال لها متلطفا ما استطاع. - أروم السفر إلى باريس لمصلحة تقتضيه فهل تأذنين في ذلك؟ - لك الأمر فافعل ما تشاء. - إذن أسافر غدا، أستودعك الله.
4
الحب أول ما يكون مجانة
فإذا تمكن صار شغلا شاغلا
بعد الذي مر بنا من حديث، «ڤكتور» و«ماري» تعاقبت عليهما الأيام وتوالت الشهور عامين طويلين، وهو مقيم بباريس يجتني زهر الصفاء من حدائق الهناء، ويرشف راح الأفراح بكئوس الانشراح، وهي مقيمة ب «مرلي » تغالب الغم والكمد، وتحاول الصبر والجلد، وتسأل الله المعونة والمدد.
Bilinmeyen sayfa