153

البنك اللاربوي في الاسلام

البنك اللاربوي في الاسلام

ومن هنا يتضح أننا لا نتفق مع وجهة نظر بعض الأعلام (دامت بركات) إذ أفاد في المقام ما ملخصه أن الودائع المصرفية لا يمكن تصوير كونها ودائع حقيقية بحيث تخرج فوائدها عن كونها فوائد ربوية على القرض لأن الودائع المصرفية يأذن المالك للبنك بالتصرف بها ولا يراد بهذا الإذن السماح للبنك بالتصرف مع بقاء الوديعة على ملك صاحبها إذ يلزم حينئذ عود

........................................ صفحة : 211

الثمن والربح إلى المالك بحكم قانون المعاوضة لا إلى البنك، بل يراد بالاذن المذكور السماح للبنك بتملك الوديعة على وجه الضمان وهو معنى القرض فتكون الفوائد التي يدفعها البنك إلى المودع فوائد ربوية على القرض.

والتحقيق أن تصوير هذه الودائع بنحو تكون ودائع حقيقية وتخرج فوائدها عن الربوية يتم بعدة وجوه:

منها: أن نفرض كون الوديعة باقية على ملك صاحبها وأن الإذن بالتصرف فيها إنما هو مع احتفاظ المودع بملكيته للوديعة. ومع هذا نصور في المقام الأمور الثلاثة التي يقوم على أساسها تعامل البنك في الودائع الثابتة، وهي ضمان الوديعة، والاستئثار بأرباحها، ودفع مقدار محدد إلى المودع.

أما ضمان الوديعة فهو متصور لا بالقرض لكي يجي ء محذور الربا، بل بعقد الضمان بمعناه الذي فصلنا الكلام فيه في الملحق الثاني، إذ ذكرنا أن الضمان العقدي له سنخ معنى لا يختص بالديون بل يشمل الأموال الخارجية أيضا، وهو غير المعنى الآخر للضمان الذي يختص بباب الديون، ويعبر عنه بالنقل من ذمة إلى ذمة. فبإنشاء البنك للضمان وتعاقده مع المودع على ذلك، تصبح الوديعة في عهدة البنك مع بقائها على ملك المودع. وبذلك ثبت الأمر الأول. وأما الأمر الثاني وهو استئثار البنك بالأرباح فيمكن تتميمه عن طريق الشرط في ضمن عقد الضمان، أو عقد الشركة، أو أي عقد آخر بين البنك والمودع، إذ يشترط البنك

Sayfa 160