Akdeniz: Bir Denizin Yazgısı
البحر المتوسط: مصاير بحر
Türler
وأخافت القدماء أعماق البحر المتوسط الحافلة بالأسرار فعزموا على نيل عطفها فأقاموا معابد لنبتون ولأنصاف الآلهة البحرية الكثيرة.
وكشف العلم الحديث غطاء حياة ما تحت البحر كما في كثير من الميادين، وأيد بأدواته ما اطلع عليه القدماء بوحي نفسي فرصعوه بأسماء وحدة الوجود، وما كان في الفترة الطويلة، التي ترجحت البشرية في أثنائها بين الإيمان والعرفان، ليعتقد إمكان حياة موجودات أخرى غير الآلهة في الأعماق. وفي سنة 1818 علق نجم بحر بمرجاس
37
ربان من عمق ثلاثة آلاف متر فكشف القناع بذلك عن وجود عالم حي في قعر البحر، وكان ذلك النجم يشابه رسل ما تحت الأرض الذين استدعاهم دانتي وغوتة.
ولم يكشف العالم الذي لا يسبر غوره، ولم يفتح أفق جديد لإدراك أمور البحر، إلا بعد غطس أسلاك المهندسين، لا قلوس السفن وحدها، في البحر. ومما حدث في سنة 1870 أن قامت سفينة مدفعية إنكليزية قديمة برسالة قصيرة فصنعت في الماء ما يصنعه أكابر علماء الآثار في الأرض، فأثبتت صحة الافتراض المجادل فيه حتى ذلك الحين باكتشافها الحياة الخفية، وكان كربنتر أول من ألقى نورا في ذلك الحين حول تلك المسائل (وكان هذا في البحر المتوسط) فدل مؤخرا، في أثناء ريادات طويلة، على أن الحياة العضوية موجودة في كل مكان.
والبحر المتوسط صالح للسكن مسكون حتى أعماقه، والبحر الأسود وحده، حيث تسيل مجاري ماء عذب فوق الملح الثقيل، وحيث يصعب الجريان بسبب ضيق الدردنيل، هو في أعماقه مثل مملكة للموت، فلا يعيش هنالك غير بعض الجراثيم، ولا يكفي الضغط العظيم لقتل كل حياة ما دام البحر المتوسط يبلغ من العمق خمسة آلاف متر، وذلك كما كان يعتقد فيما مضى. ويأنف ويدهش الرجل ذو الصلة بأكواخ العاصمة السيئة، بعد أن خنثته الحياة، من أناس لا يزالون قادرين على العيش والشرب واللهو مع بؤس بالغ، ومشاعر مثل هذه مما يحسه الغواص الذي يكتشف حياة في تلك الهوي فيحدق إلى العيون الهائلة في الأسماك والتنانين المجهولة التي يلوح عدم شعورها بثقل ذلك العمق. ومن الواقع في بعض الأحيان أن يرتقي عدد قليل من أبناء الطبقات الدنيا إلى السلطان والثراء، ومما يحدث كذلك أن ينتهي أهل البحر العميق أحياء إلى ضياء الشمس، وكلا الحالين شاذ خاص بمخلوقات نادرة قوية.
ويتألف من أسماك البحر المتوسط مجتمع أريستوقراطي إذا ما قيست بالأسماك التي تعيش في بحر شمالي. أجل، إن تلك الأسماك أقل عددا، ولكنها أطيب نوعا، وذلك لأنك لا تجد في الجنوب مثل جماعات الرنكة والقد التي لا يحصيها عد فيصطادها برابرة الشمال. ويعد التن، الذي يظهر بالملايين، غريبا محكوما عليه بالعود إلى الأطلنطي بعد رحلته إلى البحر الأسود في كل ربيع ليتكاثر فيه، ويؤكد جميع صيادي السمك هذا الأمر على حين يجادل فيه كثير من العلماء. وما يسلكه التن من طريق طريف في الذهاب على طول الساحل الآسيوي وفي الإياب على طول الساحل الأوروبي يوضحه بليني إيضاحا وهميا، وذلك بادعائه أن عين هذا السمك اليمنى هي أقوى عينيه، وذلك كاعتذار بعض السادة الشيب الذين تضل عيونهم أحيانا نحو الراقصات المحترفات.
وكان قياصرة الروم يختلسون جماعات من التن عند مرورها كما كانوا يحملون في بعض الأحيان على وقف سياح آخرين من الأجانب. وكان أرسطو، الذي لا يطيق الحياة بلا قياس، قد صنف الأسماك، وقد عرف أرسطو بأنه أعظم علماء الأسماك. ولا يفرط أهل البحر المتوسط في أكل السمك كالإنكليز وسكان الشمال، وكان أكل السمك قليلا في عصر أوميرس كما في المطبخ الشعبي برومة أو الآستانة في الوقت الحاضر، وبما أن الكنيسة اليونانية كانت لا تبيح في الصوم الكبير غير أكل حيوانات البحر الدنيا، فإنه كان يؤتى من الشمال بالحساس
38
مثلما يجلب في الوقت الحاضر، وذلك على حين لا يصدر البحر المتوسط نحو الشمال غير سردينه وسنموره. ويدل صيد السمك الطلياني بالدناميت، الذي هو وسيلة قاسية، على أن هذا الصيد ليس رياضة ولا فنا لدى هؤلاء القوم. وظل صيد السمك في البحر المتوسط استغلالا، لا تربية، زمنا طويلا، فاضمحلت فيه أنواع السمك فوجب الآن إرسال أنواع سمك كثيرة من الأطلنطي صالحة للحياة في البحر المتوسط.
Bilinmeyen sayfa