Akdeniz: Bir Denizin Yazgısı
البحر المتوسط: مصاير بحر
Türler
وكان العرب قد بلغوا البحر المتوسط في ذلك الحين؛ أي في القرن الحادي عشر، وكانت صفات هؤلاء القادمين الممتازين الجدد البدنية تفوق صفات الأغارقة والإسبان الجثمانية، ولكن مثالهم كان شرقيا. والواقع أن العربي كان ذا عينين ثاقبتين مشبعتين كشعره، والواقع أن العربي كان أقصر من أهل الشمال مع هيفه، وكان العربي ماهرا في حمل السلاح وفي الصيد، وكان العربي يحب الخيل والثياب الجميلة، وكان خطيبا مداريا بفطرته، وكان أستاذا في العدل والشكل، ومجمل القول أن العربي كان على النقيض من الجرماني الفظ القليل العقل الذي وصل إلى شاطئ البحر المتوسط قبله.
وكان النورمان أول من عندهم قدرة على الادغام من أهل الشمال، وكان الجرمان قد ظلوا من البرابرة حتى ذلك الحين، وقد استقر أناس من إسكندينافية بنورماندية في القرن العاشر فتعلموا لغة هذا البلد وانتحلوا دينه، ثم ادغم من جاوزوا المانش ليقيموا بإنكلترة في أهل البلاد في مدة قرن، ولكن بينما تراهم قد وجدوا في إنكلترة شعبا ذا طبائع استطاعوا أن يلتئموا بها سريعا لم يقع هذا الالتئام إلا ببطء بالغ في صقلية.
وصارت صقلية ملتقى الحضارتين في القرن التاسع كما في عصر بركلس وعصر برس، وهنالك، حيث ملك العرب طيلة القرنين السابقين، تقابل أبناء الصحراء هؤلاء وأبناء بحر الشمال مقابلة تمثيلية، وهنالك قصائد وأساطير تحدث عن اصطدام هذين العرقين اللذين خلقا ليتجاذبا بدنيا، ويمكن جمال المولد أن يكون لنا فكرة عن الذي حدث في ذلك الحين نتيجة للغريزة الحسية أكثر مما للزواجات، ولم يتفق للنغيل الذي تغنى به شكسبير من الحظوة ما اتفق لتوالد العرقين المختلفين الذي ليس عندنا سوى صور قليلة عنه والذي لدينا عنه قصائد وقصص وأخبار كثيرة.
وفي بلرم يدلنا قصر روجر النورماني المزخرف بفسيفساء ذهبية على روعة ذلك الامتزاج النورماني العربي كما تدلنا عليه القباب الإسلامية التي تبدو لنا من فورها بين بساتين البرتقال في صقلية قريبة من الكنائس الابتدائية ذات الخطوط الجافية.
ومن يمكن أن يكونوا أبطال أحلام نساء الحريم الروائية السمر الفواتن الغيد إن لم يكن أولئك الفرسان أو قطاع السابلة الشقر الملازمون للبحر المتوسط زمرا صغيرة على حين يجول العرب كتائب كثيرة؟ أولم يجب أشهرهم، روبرت غسكار، من آل هوتفيل، بلاد إيطالية لابسا معطفا مخفيا سيفا تحت حلته؟ ومن أبولي طلب العرب العون منه ومن فرسانه. وكان هؤلاء الرجال ذاهبين إلى الإبير قياما بمغامرات، وهم كانوا قد اختاروا بزنطة كالعرب، وهم لم يستطيعوا أن يستولوا على بزنطة، وإنما انتزعوا صقلية من العرب؛ أي وفقوا لأمر لم يتفق لبزنطة قط. وبما أن فتح إمبراطورية بزنطة الشرقية كان متعذرا على غسكار فإنه ساق كتائبه إلى رومة حيث مثل مهزأة الأباطرة المعتادة مكرها البابا على إقطاعه دوكيته، حتى إن أحد خلفائه، روجر، حمل على تتويجه ملكا لنايل وصقلية.
وشعب ملاح وحده هو الذي كان يمكنه أن يقوم بجميع تلك الفتوح سريعا، وكان جميع هؤلاء الرجال، وهم من جرمانية الشمالية وإسكندينافية اللتين لم تسطع الإمبراطورية الرومانية أن تصل إليهما، قد تعلموا الملاحة في بحر الشمال وفي البحر البلطي. وكان أناس من الأنغلوسكسون والجون ، ثم من الدانيماركيين، قد جاوزوا البحر إلى الجزر البريطانية، ثم أتى الويكنغ من روسية إلى القسطنطينية حيث صاروا جنودا وربابنة مشهورين. وكان النورمان قد ظهروا في القرنين التاسع والعاشر على البحر المتوسط كجنود وكحجاج، وكقراصين على كل حال، فشابهوا عرب البحر المتوسط بنشاطهم هذا مشابهة كثيرة، وكان يوجد في الغالب جذافون من العرب في سفينة نورمانية فيتحد الشمال والجنوب بذلك على مراكب واحدة.
وكان دور القرصنة الروائي قد انقضى منذ زمن طويل، وعاد لا يعد في البحر المتوسط عملا بطوليا، وكانت القرصنة تعلم كما كان التجار يتعلمون الملاحة فيما مضى. وكان قوم الصحراء، العرب، قد بلغوا المحيط الأطلنطي منذ القرن الثامن، حتى إنه يعتقد نزول العرب إلى البرازيل سنة 1150، وقد غدا العرب في القرن التاسع مصدر هول في البحر المتوسط، فانتهبوا مرسيلية ونيس وأوستي. وقد تعلم الوندال الملاحة في البحر المتوسط أيضا، ويلوح أن البرابرة كانوا أمة بحرية وأمة فرسان معا، لمجاورة ملكهم للبحر وللصحراء معا.
والنورمان وحدهم هم الذين بدوا ملاحين حقيقيين منذ البداءة، والنورمان قد جلبوا إلى البحر المتوسط طرازا جديدا من السفن كما يلوح، جلبوا إليه نوع السفينة المعروفة بالغالير والتي ظلت تقتبس عدة قرون، وكانت هذه السفينة المغطاة مجهزة بالمقاذيف بالغة من الطول خمسة وخمسين مترا أحيانا مصنوعة من الخشب تماما، وكان يمكن هذه السفينة أن تحمل حتى أربعمائة رجل، وكان جدافوها يوضعون بجانب بعضهم بعضا، لا في طبقات، وكان طول مقاذيفها اثني عشر مترا فيحرك الواحد منها تسعة رجال، ويذعن الرجل منهم لرجل جهير الصوت مشرف على الحركة في فينات ثلاث مقطعة هكذا: «ارفعوا، مدوا الذرعان، اجذبوا وعودوا إلى المقعد!» وكان يمكن أن يؤتى ما بين ال 22 وال 26 جدفة في الدقيقة الواحدة فتتقدم السفينة عشرة أمتار إلى الأمام بالجدفة الواحدة وتنجز عشر عقد في كل ساعة، وذلك في مساوف قصيرة وفي أثناء الهجمات، وكان من المعتاد أن تنقص السرعة في الساعة الواحدة إلى خمس عقد، وإلى عقدتين أيضا. وكانت السفن تجري بلا أشرعة في الغالب ، وكانت السفين، في غير أوقات، تجهز بشراع يعرف باللاتيني، فيتدلى على طول سارية طويلة، وكان لا يتنفع بهذا إلا عند تقدم الريح، وذلك لقصر مقدار ما يدخل من المركب في الماء ولجهل تدوير المركب.
وكان النورمان والعرب يجعلون البحر أقل أمنا من فوق مراكبهم التي لم تلبث الشعوب الأخرى أن انتحلت طرازها، وكان هذان الفريقان يتحالفان تارة ويقتتلان تارة أخرى كما تصنع المصارف الكبيرة ذلك في الوقت الحاضر. وكان النورمان والعرب يتخذان الصليب والهلال ذريعتين للاقتتال كما تنتفع هذه البنوك بالنعرة الوطنية. وكان البابوات يدفعون جزية إلى قراصين العرب، طويل زمن، ليصانوا، ولا عجب، في مثل هذه الأحوال، إذا ما تحالفت المدن التجارية وأنشأت أساطيل للدفاع وزادت سلطانها على هذا الوجه، ويعد هذا مصدرا لما يكون للتجار الإيطاليين من قوة في المستقبل.
وأول خطة هجوم التزمتها المدن المتحالفة على ما نعلم هو ما صنعته بيزه وجنوة سنة 1015 عندما اتفقت هاتان المدينتان على نزع سردينية من القراصين.
Bilinmeyen sayfa