55

Bahr Muhit

البحر المحيط في أصول الفقه

Yayıncı

دار الكتبي

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1414 AH

Yayın Yeri

القاهرة

وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّلَائِلِ اللَّفْظِيَّةِ هَلْ تُفِيدُ الْقَطْعَ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: أَحَدُهَا: نَعَمْ. وَحَكَاهُ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَحْصُولِ " عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ، وَعَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا. وَالثَّانِي: أَنَّهَا لَا تُفِيدُ. وَالثَّالِثُ: وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الدِّينِ الرَّازِيَّ أَنَّهَا تُفِيدُ الْقَطْعَ إنْ اقْتَرَنَتْ بِهِ قَرَائِنُ مُشَاهَدَةٌ، أَوْ مَعْقُولَةٌ كَالتَّوَاتُرِ وَلَا يُفِيدُ الْيَقِينَ إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ أُمُورٍ عَشَرَةٍ: عِصْمَةِ رُوَاةِ نَاقِلِيهَا، وَصِحَّةِ إعْرَابِهَا، وَتَصْرِيفِهَا، وَعَدَمِ الِاشْتِرَاكِ، وَالْمَجَازِ، وَالتَّخْصِيصِ بِالْأَشْخَاصِ، وَالْأَزْمَانِ، وَعَدَمِ الْإِضْمَارِ، وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَعَدَمِ الْمُعَارِضِ اللَّفْظِيِّ، قِيلَ: وَلَمْ يَذْكُرْ النَّسْخَ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عِنْدَهُ فِي التَّخْصِيصِ بِالْأَزْمَانِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي أُصُولِهِ: وَمَا ذَكَرَهُ صَحِيحٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الْيَقِينِ حُصُولُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُفَصَّلَةً فِي الذِّهْنِ، فَإِنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِتَرَبُّصِ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، لَا أَقَلَّ مِنْهَا، وَلَا أَكْثَرَ. وَأَنَّ حُكْمَ الْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ لَمْ يَخْطِرْ لَنَا تَفْصِيلُ هَذِهِ الْأُمُورِ بِالْبَالِ. وَهَذَا كَمَا يَقُولُ فِي الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ: إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ الذِّهْنُ بِتَفْصِيلِ شُرُوطِهِ حَالَةَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهِ. وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الدَّلِيلِ اللَّفْظِيِّ، فَإِنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ لَنَا الْيَقِينُ بِهِ قَبْلَ إحْضَارِ تِلْكَ الْأُمُورِ بِالْبَالِ. قَالَ: وَإِنَّمَا نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يَسْمَعَ الْقَاصِرُ كَلَامَ الْإِمَامِ هَذَا. فَيَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِالدَّلِيلِ اللَّفْظِيِّ حَتَّى يَخْطِرَ لَهُ تِلْكَ الْأُمُورُ بِبَالِهِ، وَيَعْتَبِرَهَا وَاحِدًا وَاحِدًا فَتَشُكَّ نَفْسُهُ مِمَّا حَصَلَ

1 / 57