208

Bahr Muhit

البحر المحيط في أصول الفقه

Yayıncı

دار الكتبي

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1414 AH

Yayın Yeri

القاهرة

تَنْبِيهَاتٌ [التَّنْبِيهُ] الْأَوَّلُ
[تَفْرِيعُ مَسْأَلَةِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ عَلَى التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ] إنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا مَسْأَلَةَ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَالْأَفْعَالَ مُفَرَّعَةً عَلَى التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ الشُّكْرَ هُوَ اجْتِنَابُ الْقَبِيحِ وَارْتِكَابُ الْحَسَنِ، وَهُوَ عَيْنُ مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ. فَكَيْفَ يُقَالُ: إنَّهَا فَرْعُهَا؟ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي الْأَوْسَطِ " فَقَالَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَيْنُ مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ، وَلَا نَقُولُ: هِيَ فَرْعُهَا. إذْ لَا بُدَّ وَأَنْ يُتَخَيَّلَ بَيْنَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ نَوْعُ مُنَاسَبَةٍ، وَهِيَ هِيَ. بَيَانُهُ: أَنَّا نَقُولُ مُعَاشِرَ الْمُعْتَزِلَةِ: إنْ عَنَيْتُمْ بِالشُّكْرِ قَوْلَ الْقَائِلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالشُّكْرُ لِلَّهِ، فَقَدْ ارْتَكَبْتُمْ مُحَالًا، إذْ الْعَقْلُ لَا يَهْتَدِي لِإِيجَابِ كَلِمَةٍ، وَإِنْ عَنَيْتُمْ بِالشُّكْرِ مَعْرِفَةَ اللَّهِ فَبَاطِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الشُّكْرَ يَسْتَدْعِي تَقْدِيمَ مَعْرِفَةٍ، وَلِهَذَا قِيلَ: أَعْرَفُ اللَّهِ أَشْكَرُ. فَإِنْ قَالُوا: عَنَيْنَا بِوُجُوبِهِ عَقْلًا مَا عَنَيْتُمْ أَنْتُمْ بِوُجُوبِهِ سَمْعًا. قُلْنَا: نَحْنُ نَعْنِي بِوُجُوبِ شُكْرِ الْمُنْعِمِ سَمْعًا امْتِثَالَ أَوَامِرِهِ، وَالِانْتِهَاءَ عَنْ نَوَاهِيهِ. قَالُوا: فَنَحْنُ أَيْضًا نُرِيدُ بِذَلِكَ الْإِتْيَانَ بِمُسْتَحْسَنَاتِ الْعُقُولِ وَالِامْتِنَاعَ عَنْ مُسْتَقْبَحَاتِهَا. فَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ عَيْنُ مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ. فَبُطْلَانُ مَذْهَبِهِمْ هُنَا مَعْلُومٌ مِنْ تِلْكَ إلَّا أَنَّ

1 / 210