196

Bahr Muhit

البحر المحيط في أصول الفقه

Yayıncı

دار الكتبي

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

1414 AH

Yayın Yeri

القاهرة

إلَّا ثَلَاثَةَ رِجَالٍ تَلَعْثَمُوا فِي هَذَا الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا عَنْهُ إلَى الْحَقِّ، وَهُمْ: أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، وَأَبُو الْعَبَّاسِ الْقَلَانِسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ. ثُمَّ قَالَ الْأُسْتَاذُ: كَانَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْأَوَائِلُ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ شُكْرِ الْمُنْعِمِ مَعْلُومٌ بِالنَّظَرِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَصَارُوا كُلُّهُمْ فِي آخِرِهِمْ إلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ ضَرُورَةً، وَإِلْزَامَاتٌ وَرَدَتْ عَلَيْهِمْ. انْتَهَى كَلَامُهُ، وَقَدْ تَضَمَّنَ فَوَائِدَ جَلِيلَةً.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَصَدَ الْأَوَائِلُ مِنْ أَصْحَابِنَا بِقَوْلِهِمْ: إنَّا لَا نَعْرِفُ الْقُبْحَ وَالْعَدْلَ، وَالظُّلْمَ إلَّا بِالشَّرْعِ فَقَطْ مُخَالَفَةَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: مَا قَبَّحَهُ الْعُقُولُ لَا يَرِدُ الشَّرْعُ بِتَحْسِينِهِ، لَا أَنَّا لَا نَعْرِفُ مَعَانِيَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَبْلَ الشَّرْعِ مِنْ اللُّغَةِ، بَلْ نَعْرِفُهَا قَبْلَ الشَّرْعِ وَنَعْلَمُ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى التَّقْبِيحِ وَالتَّحْسِينِ فِي أَشْيَاءَ نَعْرِفُهَا، وَاخْتِلَافَهُمْ فِي أَشْيَاءَ أُخْرَى، وَأَنَّ عُقَلَاءَهُمْ حَكَمُوا كَذَلِكَ. قَالَ: وَمَنْ قَالَ: إنَّا لَا نَعْرِفُ مَقَاصِدَهُمْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ قَبْلَ الشَّرِيعَةِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْكَلَامِ فِيهَا وَالْمُنَاظَرَةِ مَعَ الْخُصُومِ. فَإِنَّهُ مَتَى جَرَى فِي كَلَامِهِ أَنَّ الشَّرْعَ يُقَبِّحُهُ أَوْ يُحَسِّنُهُ مَنَعَهُ مِنْهُ. فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ تَعْنِي بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ وَأَنْتَ لَا تَعْرِفُهُ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ؟ فَيَتَعَذَّرَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ. قَالَ: وَأَوَّلُ مَا وَرَدَ أَبُو عَمْرٍو الْبِسْطَامِيُّ بِنَيْسَابُورَ حَضَرَ بَعْضَ مَجَالِسِ الْكَلَامِ لِبَعْضِ الْعَلَوِيَّةِ، فَسُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ قَبْلَ الشَّرِيعَةِ. فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ هَذَا السُّؤَالَ فَالْتَبَكَ فِيهِ

1 / 198