Bahr Muhit
البحر المحيط في أصول الفقه
Yayıncı
دار الكتبي
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
1414 AH
Yayın Yeri
القاهرة
أَنَّا لَا نَعْتَقِدُ ذَلِكَ، وَالْمُعْتَزِلَةُ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِلْعَقْلِ أَحْكَامًا. وَهَذَا الْخِلَافُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَأَنْكَرَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالَ: النَّظَرُ فِي الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ بِحَالٍ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ: ذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْبَرَاهِمَةُ إلَى أَنَّ الْعُقُولَ طَرِيقٌ إلَى مَعْرِفَةِ الْحَسَنِ، وَالْقَبِيحِ وَالْوَاجِبِ، وَالْمَحْظُورِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ عَلَى الْعَقْلِ. فَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ: هُوَ خَاطِرٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ يَدْعُوهُ إلَى النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ. وَشَرَعَ الرُّسُلُ مَا قَبُحَ فِي الْعَقْلِ كَذَبْحِ الْبَهَائِمِ وَتَسْخِيرِ الْحَيَوَانِ وَإِتْلَافِهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا حَسُنَ وُرُودُ الشَّرْعِ بِهِ لِلْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَخَالَفَهُمْ أَبُو هَاشِمٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ لَوْلَا وُرُودُ الشَّرْعِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا جَوَازُ حُسْنِهِ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ الْخَاطِرِ، فَقَالَ النَّظَّامُ: هُوَ جِسْمٌ مَحْسُوسٌ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ خَاطِرًا لِطَاعَةٍ، وَخَاطِرًا لِمَعْصِيَةٍ فِي قَلْبِ الْعَاقِلِ فَيَدْعُوهُ بِأَحَدِ الْخَاطِرَيْنِ إلَى طَاعَتِهِ؛ لِيَفْعَلَهَا، وَيَدْعُوهُ بِالْآخَرِ لِيَتْرُكَهَا، وَقَالَ الْجُبَّائِيُّ: يَدْخُلُ الشَّيْطَانُ فِي خَرْقِ أُذُنِ الْإِنْسَانِ إلَى مَوْضِعِ سِنِّهِ أَوْ قَلْبِهِ فَيَهْمِسُ وَيَتَكَلَّمُ بِمَا يَدْعُو إلَيْهِ. قَالَ: فَالْخَاطِرُ الَّذِي مِنْ قِبَلِ اللَّهِ كَالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ
1 / 177