101
أزرهم، وشمروا قمصهم كيلا يصيب ثيابهم ذينك الصنمين، فنزل قوله تعالى: إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ يعني من أمور المناسك. فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما، يعني لو أصاب ثيابه من ذلك لا يضره ولا إثم عليه فخرج عمر فتناول المعول وكسر الصنمين. قال الفقيه: حدّثنا الفقيه أبو جعفر قال: حدّثنا علي بن أحمد قال: حدثنا محمد بن الفضل، عن يعلى بن منبه، عن صالح بن حيان، عن أبي بريدة، عن أبيه قال: دخل جبريل- ﵇ المسجد، فبصر بالنبي ﷺ نائمًا في ظل الكعبة فأيقظه فقام وهو ينفض رأسه ولحيته من التراب، فانطلق به نحو باب بني شيبة فلقيهما ميكائيل. فقال جبريل لميكائيل: ما يمنعك أن تصافح النبي ﷺ؟ فقال: أجد من يده ريح نحاس. فقال جبريل للنبي ﷺ أفعلت ذلك؟ وكان النبي ﷺ نسي ذلك ثم ذكر فقال: «صَدَقَ أَخِي، مَرَرْتُ أوَلَ أَمْسٍ عَلَى إِساف وَنَائِلَةَ فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى أَحَدِهِما وَقُلْتُ: إنَّ قَوْمًا رَضُوا بِكُمَا آلِهَةً مَعَ الله هُمْ قَوْمُ سُوءٍ» . قال صالح: قلت لأبي بريدة: وما أساف ونائلة؟ قال: كانا إنسانين من قريش يطوفان بالكعبة، فوجدا فيها خلوة فراود أحدهما صاحبه، فمسخهما الله تعالى نحاسًا، فجاءت بهما قريش وقالوا: لولا أن الله رضي بأن نعبد هذين الإنسانين ما مسخهما نحاسًا. وأساف كان رجلًا ونائلة كانت امرأة. قال الزجاج: الجناح في اللغة: أخذ من جنح إذا مال وعدل عن المقصد. وأصل ذلك من جناح الطير. قوله تعالى: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا. قرأ حمزة والكسائي يَطَوَّعْ بالياء وجزم العين، لأن الأصل يتطوع فأدغمت التاء في الطاء وشددت. وقرأ الباقون تَطَوَّعَ على معنى الماضي والمراد به الاستقبال، يعني إذا زاد في الطواف حول البيت على ما هو واجب عليه، فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ يقبل منهم، عَلِيمٌ بنياتهم وبما نووا وقال القتبي: يطوف أصله يتطوف فأدغمت التاء في الطاء. ويقال: الجناح: الإثم. ويقال إن الله شاكر عليم يقبل اليسير ويعطي الجزيل ويقال: إن الله شاكر بقبول أعمالكم عليم بالثواب. ويقال: الطواف للغرباء أفضل من الصلاة، لأنهم يقدرون على الصلاة إذا رجعوا إلى منازلهم، ولا يمكنهم الطواف إلا في ذلك الوقت، فالله تعالى قد حثّ على الطواف بقوله: وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ. [سورة البقرة (٢): الآيات ١٥٩ الى ١٦٠] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مآ أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠)

1 / 107