فلما مات ظهرت العجائب، وما زالت الأمور إلى نقص وفيها غرائب، مع أنه ناقض قوله في الزكاة، فإنه قال: اليمن خراجي، مع بطلان قوله ومخالفته لإجماع من قبله، فكان على قول مذهبه تحليل الزكاة لمن منعه[116/ب]، ولعله إنما أراد بذلك التحيل على الناس وإلا فلا يخفى ذلك، فأما الولاة فصاروا يفعلون معه ما شاؤوا وكان المقصود في الجمع والتحصيل منهم من غير معرفة، بما صاروا يقبضون ويزيدونه على الرعايا في المطالب، وكل من شكاهم فلا سماع له؛ لأنهم عرفوا طباعه في محبة التوفير، وكذلك الجلساء، ومن يتصل به من الأعوان والسادة والأغنياء لم يعذروه في الطلب، وصار يسلم لهم ذلك على أوفر الأقسام، وإنما الذي اتضع عنده عن الصرف من أهل العوائد الماضين سائر الناس المخرجين، فكان لا يصير إليهم إلا التافه الحقيرة، وبعضهم ممطول بالجملة الكافية، خصوصا من لم يكن إليه كثرة الحاجة ومطالبه -ولله در البهاء- زهير ، حيث يقول:
يا أيها الباذل مجهوده
في خدمة أف لها خدمه
إلى متى في تعب ضايع
بدون هذا تأكل اللقمه
تشقى ومن يشقى له غافل
كأنك الراقص في الظلمه
وقال أيضا:
كم أناس أظهروا الزهد لنا
وتجافوا عن حلال وحرام
قللوا الأكل وأبدوا ورعا
واجتهادا في صيام وقيام
[117/أ] ثم لما أمكنتهم فرصة
أكلو أكل الحرامي في الظلام
وكان للمتوكل اختيارات في مسائل غريبة خالف فيها الإجماع، منها: الولاية للأم على أولادها في البيع والشراء وجميع التصرفات، وهو خلاف الإجماع، لكنه رجع عن ذلك في حياته.
ومنها قوله: بأن الأولياء إذا أنكحوا الصغيرة حال صغرها فلا فسخ إذا بلغت، ولو كان المنكح لها غير الأب من سائر الأولياء، وهو خلاف للإجماع في غير الأب.
ومنها: أن المشروط بعلم الله فاسد، خلاف الإجماع.
Sayfa 440