ثم تعقب منهم مغزى لقافلة أخرى إلى بلاد آل عمار وأطرافها، فتواقعوا فتوافقوا، ووقع في الفريقين مصاويب، وسلمت القافلة، ولكنهم استفردوا بعد ذلك برعاة من آل عمار انتهبوا عليهم بعضها، ثم غزوا ثالثا إلى الجوف، فلم يظفروا، وشعر بهم أهل الجوف فهربوا وقال من قال منهم: إن الإمام يجعل لهم مع السبار الذي للعسكر بعيان، وعليهم درك العمشية، ولا يجرى منهم فيها خلل ما دامت الجامكية.
ولما استقر الإمام بمعبر طلب شرف الدين الحسين بن الحسن من بلاد رداع، فوصل إليه، وذكر أن سبب وصوله مراودة في شأن الشيخ الهيثمي، فإن حسين بن الحسن قال: ما يصلح رجوعه بلاده؛ لأنه يخشى منه التمحيق هنالك، وقيل: أنه حصل بعض خلل في المشرق، من بلاد العوالق ونحوها، والله أعلم.
وذكروا في هذا الشهر أيضا لحقت زلازل أخر بضوران، إلا أنها خفيفة، والإمام كما وصف الواصف في تلك الزلزلة الكبرى استرجع، وظهر عليه استقام الأمر، حتى روى الراوي الثقة أنه استعبر وبكى.
[108/أ] واعلم أيها المعتبر أن هذه الزلازل دوامها وتكريرها في هذا الموضع هذا العام والعام الماضي، كما سبق ذكره، حتى أنه في العام الماضي شرعوا في تعداد حصرها وتجميلها، فلما كثرت وبلغ عددهم لها إلى سبعين زلزلة ملوا تعديدها، ثم ما لحقت هذا العام في هذا التاريخ، له شأن عظيم، وأمر من الله تعالى جسيم؛ لأنا لم نعلم بحصول مثل هذا الاستمرار من الزلازل في التواريخ والأزمان، وإن حصلت في مكان دون مكان لكن لا يبلغ تكررها إلى هذا المقدار، ولا استمرت إلى مثل هذه المدة المستمرة في هذا الزمان، وإن لها لشأن عظيم، والذي ظهر لنا في أقوى أسبابها ما تواتر لنا عن كثير من الناقلين للفساد ببلدة ضوران، والإصرار عليه وتكاثره وتكرره من الفساق حتى غلب أهل ذلك البلاد.
Sayfa 428