Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
Araştırmacı
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
Baskı Numarası
الأولى ١٤٢٢هـ
Yayın Yılı
٢٠٠٢م
Türler
الحديث الثامن والعشرون: الدين يسر
عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إِنَّ الدِّينَ يُسْر، وَلَنْ يَشادَّ الدينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فسَدِّدوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بالغُدْوة وَالرَّوْحَةِ، وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلَجة" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ١. وَفِي لفظ "والقصدَ القصدَ تَبْلُغوا"٢.
ما أعظم هذا الحديث، وأجمعه للخير والوصايا النافعة، والأصول الجامعة. فقد أُسّس ﷺ في أوله هذا الأصل الكبير. فقال: "إن الدين يسر" أي ميسر مسهل في عقائده وأخلاقه وأعماله، وفي أفعاله وتُروكه. فإن عقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقَدَر خيره وشره: هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب، وتوصِّل مقتديها إلى أجلِّ غاية وأفضل مطلوب وأخلاقه وأعماله أكمل الأخلاق، وأصلح الأعمال، بها صلاح الدين والدنيا والآخرة. وبفواتها يفوت الصلاح كله. وهي كلها ميسرة مسهلة، كل مكلف يرى نفسه قادرًا عليها لا تشق عليه، ولا تكلفه، عقائده صحيحة بسيطة. تقبلها العقول السليمة، والفطر المستقيمة. وفرائضه أسهل شيء.
أما الصلوات الخمس: فإنها تتكرر كل يوم وليلة خمس مرات في أوقات مناسبة لها. وتمم اللطيف الخبير سهولتها بإيجاب الجماعة والاجتماع لها؛ فإن الاجتماع في العبادات من المنشطات والمسهلات لها ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان، وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها، ويحمد الله على فرضه لها على العباد؛ إذ لا غنى لهم عنها.
وأما الزكاة: فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي. وإنما تجب على الأغنياء تتميمًا لدينهم وإسلامهم، وتنمية لأموالهم، وأخلاقهم، ودفعًا للآفات عنهم وعن أموالهم، وتطهيرًا لهم من السيئات، ومواساة لمحاويجهم، وقيامًا لمصالحهم الكلية. وهي مع ذلك جزءٌ
_________
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٣٩، وليس عند مسلم، ولهذا في قوله متفق عليه نظر.
(٢) أخرجه البخاري بهذه الفظة في "صحيحه" ٦٤٦٣.
1 / 77