إن الوهابيين قوم من العرب تمذهبوا بمذهب عبد الوهاب وهو رجل ولد | بالدرعية ، وهي مدينة بأرض العرب من بلاد الحجاز ، وكان من وقت صغره | تظهر عليه النجابة وعلو الهمة والكرم وشب على ذلك واشتهر بالمكارم عند | كل من يلوذ به وبعد أن تعلم مذهب أبي حنيفة في مدارس بلاده سافر إلى | أصفهان ولاذ بعلمائها وأخذ عنهم حتى اتسعت معلوماته في فروع الشريعة | وخصوصا في تفسير القرآن ثم عاد إلى بلاده في سنة 1171 هجرية ( 1757 م ) | فأخذ يقرر مذهب أبي حنيفة مدة ثم أدته ألمعيته إلى الاجتهاد والإستقلال فأنشأ | مذهبا مستقلا وقرره لتلامذته فاتبعوه وأكبوا عليه ودخل الناس فيه بكثرة | وشاع في نجد والإحساء والقطيف وكثيرا من بلاد العرب مثل عمان وبني عتبة | من أرض اليمن ، ولم يزل أمرهم شائعا ومذهبهم متزايدا إلى أن قيض الله لهم | عزيز مصر محمد علي باشا فأطفأ سراجهم في سنة 1232 ( 1816 م ) وكسر | شوكتهم وأخفى ذكرهم وهالك رسالة من كلامهم تدل على بعض مذهبهم | ومعتقداتهم : | | اعلموا رحمكم الله أن الحنيفية ملة إبراهيم عليه السلام وهي أن تعبد الله | مخلصا له الدين وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم له كما قال تعالى ' وما | خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فإذا عرفت أن الله سبحانه وتعالى خلق العباد | للعبادة فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد كما أن الصلاة لا | تسمى صلاة إلا مع الطهارة فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت كالحدث إذا | دخل في الطهارة كما قال تعالى ' ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله | شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون فمن | دعا غير الله طالبا منه ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه من جلب خير أو دفع ضر | فقد أشرك في العبادة كما قال تعالى ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا | يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم | أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ' وقال تعالى ^ ( والذين تدعون من دونه ما يملكون | من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم | القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئنك مثل خبير ) ^ فأخبر تبارك وتعالى أن دعاء | غير الله شرك فمن قال يا رسول الله أو يا ابن عباس أو يا عبد القادر زاعما أنه | باب حاجته إلى الله وشفيعه عنده ووسيلته إليه فهو المشرك الذي يهدر دمه | وماله إلا أن يتوب من ذلك ، وكذلك الذين يحلفون بغير الله أو الذي يتوكل | على غير الله أو يستعين بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله فهو أيضا مشرك ، وما | ذكرنا من أنواع الشرك هو الذي قال الله فيه ^ ( إن الله يغفر أن يشرك به | ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ^ وهو الذي قاتل عليه رسول الله [ & ] | المشركين وأمرهم بإخلاص العبادة كلها لله سبحانه وتعالى .
Sayfa 50