Tevfik Mutluluğu Tarihi
البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
Araştırmacı
د .أحمد زكريا الشلق
Yayıncı
دارالكتب والوثائق القومية
Baskı Numarası
الثانية
Yayın Yılı
1426هـ /2005 م
Yayın Yeri
القاهرة / مصر
استمرت الشام على هذا التقدم إلى أوائل سنة 1834 فأصدر محمد علي | باشا أوامره المشددة إلى نجله إبراهيم باشا بإحتكار جميع أصناف الحرير لجانب | الحكومة وبضرب جزية جريدة على كل الأهالي بدون تمييز بين الجنسية أو | الديانة وبتجهيز عدة ألايات من سكان البلاد الشامية ، ومما زاد أهل الشام | انحرافا عن محمد علي باشا أمره بنزع السلاح من جميع الأهالي لأنهم من شعوب | غير مؤتلفة وديانات مختلفة وعادات ليست بمتفقة ولذلك لا ينقطع الشقاق من | بينهم ، الأمر الذي يقضي غالبا على استعمال السلاح لا سيما وأن البلاد | الشامية تحفها من جهة الشرق صحاري رملية يسكنها بعض قبائل العرب | الرحل الذين لا طريق لتكسبهم ولا سبيل لتعيشهم إلا السلب والنهب | والتعدي على القرى الواقعة على حدود الصحراوات ، وربما توغلوا في داخلية | البلاد لهذه الغاية المشؤمة والسجية المذمومة ، فلذلك صارت الأسلحة النارية | وغيرها من ضروريات السكان ولوازمهم للدفاع عن أنفسهم والذود عن | أولادهم والذب عن أموالهم ، فإلزامهم بعدم حمل السلاح بمثابة جعلهم هدفا لسهام | تعدي الغير عليهم وهم عزل ولم يدر بخلدهم أنه بحسن إدارة إبراهيم | باشا وسهره على راحة الأهالي صار لم يخش من هؤلاء العرب على تكدير | كأس الراحة العمومية وأن إبراهيم باشا لما عرف به من الشجاعة وحسن | السياسة كان كفؤا اللذود والدفاع عنهم وإذا تكرر ذلك فقد صار حمل السلاح | مضرا بالهيئة لعدم الإحتياج إليه للدفاع عن المال والنفس واستعماله حينئذ لا | يكون إلا في المخاصمات الخصوصية بين أفراد الطوائف المختلفة ، ولما كان لواء | الأمن منشورا والعدل منثورا صار أمر نزع السلاح ضروريا لإستتباب الأمن | وتوطيد أركانه بين هذه الأمم مختلفي الديانات والمذاهب والأجناس والعقائد ، | | لكن اتخذ المفسدون هذا الأمر ذريعة لإلقاء المفاسد بين الأهالي وتوغير صدورهم | من الإدارة المصرية التي لم يروا في باقي الولايات مثلها في الإنتظام والعدل بين | الرعية وأفهموهم أن محمد علي باشا لم يأمر بهذا الأمر إلا ليستعبدهم ويغتصب | أملاكهم وأموالهم بعد تجريدهم من السلاح .
فلما وصلت هذه الأوامر إلى إبراهيم باشا وكان إذ ذاك في مدينة ( يافا ) لم | يتردد في نشرها بين القبائل وفي سائر البلاد مشددا في تنفيذها بدون إمهال ولا | توان ، متوعدا من يبدي أدنى معارضة بصارم العقاب وشديد الجزاء فتأثر لذلك | كل الأهالي ما بين صغير وكبير وشريف وحقير وأخذوا في التعصب ولما لم يجدوا | ثمرة لتعصبهم ورأوا أنه لا بد من نزع السلاح من أيديهم طوعا أو كرها عزموا | على الإمتناع وشق عصا الطاعة وساعدهم على ذلك أرباب الغايات | وأطمعوهم في المساعدة ماديا وأدبيا إذا اقتضاها الحال فصغوا لوسوسة هؤلاء | الشياطين وغواية الغاوين .
وابتدأت الثورة بجوار البحر الميت ( بحيرة لوط ) وعلى شواطئ بحر الأردن | بجوار مدينة أوريشلم ( بيت المقدس ) وأعلن قبائل هذه الجهات أنهم لم يذعنوا | ولم يمتثلوا قط لأوامر الباب العالي فكيف يتبعون أوامر والي مصر الذي هو تابع | له ، وأنهم يريدون المحافظة على استقلالهم ولو كان في ذلك هلاكهم عن آخرهم | وكان ذلك في شهر إبريل سنة 1834 .
Sayfa 153