ولد البهاء زهير خامس ذي الحجة سنة 581 (27 فبراير سنة 1186)، وتوفي قبل مغرب يوم الأحد رابع ذي القعدة من سنة 656 (2 نوفمبر سنة 1258) بوباء حدث بمصر والقاهرة ذلك العام، ودفن من الغد بعد صلاة الظهر بتربته في القرافة الصغرى غير بعيد من قبة الإمام الشافعي رضي الله عنه في جهتها القبلية.
ونشأ البهاء زهير في مدينة قوص بالصعيد الأعلى كما ذكره السيوطي في «حسن المحاضرة». ولم يذكر ابن خلكان في ترجمته الطويلة للبهاء زهير نسبته إلى قوص، لكنه ذكر في ترجمته لجمال الدين بن مطروح أنه كان بين الاثنين صحبة قديمة من زمن الصبا، وإقامتهما ببلاد الصعيد حتى كانا كالأخوين، وليس بينهما فرق في أمور الدنيا، ثم اتصلا بخدمة الملك الصالح وهما على تلك المودة. وابن مطروح من مدينة أسيوط، وقوص يومئذ هي أكبر مدن الصعيد، وليس بأرض مصر بعد الفسطاط مدينة أعظم منها، وهي باب مكة واليمن والنوبة وسواكن، حفلة الأسواق، متسعة المرافق، فيها تنزل القوافل الواردة من بحر الهند والحبش واليمن والحجاز، وفيها كثير من الفنادق والبيوت الفاخرة، والحمامات والمدارس والبساتين، ويسكنها أرباب الصنائع والفنون والتجار والعلماء والأغنياء، وكانت ملتقى الحجاج المغاربة والمصريين والإسكندريين ومن يتصل بهم، منها يذهبون إلى جدة وإليها انقلابهم في صدورهم من الحج.
وقوص من قديم الزمان منبع العلم والعلماء، ويقول صاحب كتاب «الطالع السعيد الجامع لأسماء الفضلاء والرواة بأعلى الصعيد»، وهو كمال الدين أبو الفضل جعفر بن ثعلب بن جعفر الأدفوي، المتوفى سنة (748ه/1347م): إن بقوص ستة عشر مكانا للتدريس.
ولم يرد للبهاء زهير ذكر في كتاب الأدفوي إلا عرضا.
ولم يحدثنا أحد ممن ترجموا للبهاء زهير عن سيرة أبيه، غير أنا وجدنا في نسخة خطية قديمة بدار الكتب المصرية لديوان شعر البهاء زهير - رقم 2051 أدب - وصف أبيه «بالعارف محمد قدس الله روحه»، وينعت بذلك في العادة أهل الصلاح والتقوى.
وانتقال والد البهاء زهير من مكة إلى قوص في تاريخ غير معروف، إلا أن كلام المؤرخين، كابن خلكان، يفيد أن البهاء زهيرا قضى زمن صباه في الصعيد، ونشأ الود بينه وبين ابن مطروح في ذلك العهد.
وربما يسبق إلى الظن أن البهاء زهيرا كان طفلا حين هاجرت أسرته إلى وادي النيل؛ لكنا نجد في شعره قصيدتين يذكر فيهما عهده بالحجاز؛ أما أولاهما فهي:
أحن إلى عهد المحصب من منى
وعيش به كانت ترف ظلاله
ويا حبذا أمواهه ونسيمه
Bilinmeyen sayfa