قالت السيدة: نعم ليتم شقائي، فأنا مستحقة هذا العقاب الشديد؛ لأنني بعد أن كان العصفور بيدي أفلته ورجعت أفتش عليه وأتعذب لاصطياده ولكنه قد طار ... قد طار ... وهذا جزاء التهامل والخيانة.
وإذ لم تجد أم سمعان ما تتكلم به سكتت. وبعد قليل قامت تفتح الباب فرأت بأن الطارق هو ميخائيل، فصرخت بملء صوتها: ميخائيل! أهلا وسهلا.
ولما سمعت السيدة الجالسة هذا الاسم نسيت همها ونهضت تستقبله وتصافحه، فدخل الغرفة وجلس بدون كلام شأن من معه خبر مزعج ولا يريد أن يقصه.
ولحظت السيدة منه ذلك فقالت وقد فرغ صبرها: أرجوك أن تقول الصدق كيفما كان يا ميخائيل.
فنظر الرجل إليها بوجه وقور يزيده بياض الشعر كإكليل من الكمال والتعقل وقارا وقال: الحقيقة هي أن الفتاة سافرت إلى أمريكا.
فلما سمعت السيدة جميلة هذا الكلام صرخت صرخة من أعماق قلبها ووقعت على كرسيها.
فقال الرجل: إن الخبر مع هوله لا يستحق اضطراب سيدتي؛ لأن السفر إلى أمريكا والرجوع منها اليوم كالسفر إلى بيروت والرجوع منها.
قالت تلك السيدة بحنق: تسلية، اطمئنان، وهم. ولكن الحقيقة هي أنه قد كتب لي أن أعيش تعيسة طول عمري ولا مفر من إرادة الله.
قال: إنك تظهرين ضعفا في غير محله يا سيدتي؛ فإنك الآن بعد أن توفي والديك هان عليك كل أمر، ومن أراد أن يبلغ المراد من أمر كهذا لا يقتضي له إلا المال وهو متوفر لديك.
أجابت: نعم، أنا لا أجهل هذا، ولكن ألا تعرف بأن أكبر قصاص لخائنة مثلي هو أنه لا شيء لدي يكفل لي الفوز؛ فالفتاة تجهلني تمام الجهل، ومن المحال أن تسلم ذاتها على هذه الطريقة.
Bilinmeyen sayfa