بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الفصل الأول (مجد الدين ابن الأثير)
عصره:
عاش ابن الأثير في شمال العراق في النصف الثاني من القرن السادس الهجري، وكان هذا العصر وسطا بين مجد الأمة الإسلامية، في عصر قوتها إبان حكم الخلفاء العباسيين الأوائل، وبين سقوطها على أيدي التتار في منتصف القرن السابع الهجري، بل كانت الحقبة التي عاش فيها ابن الأثير ممهدة لذلك السقوط بما حفلت به من تفريق للأمة الإسلامية وتنازع بين الحكام، وقد ضعفت سلطة الخلافة العباسية في بغداد، وسيطر السلاجقة على البلدان بما امتازوا به من قوة شكيمة، ولم يبق للخلفاء من الخلافة إلا اسمها، أما القوة الحقيقية فهي للسلاجقة، فاقتسموا الأقاليم بينهم، فقد وزع ملكشاه السلجوقي (١) البلاد إلى مجموعة مقاطعات كانت تسمى (الأتابكيّات)، يحكمها أتابكة أقوياء.
وشهد النصف الثاني من ذلك القرن أوج الجهاد الإسلامي لصد الصليبين، فكان السلاطين من آل زنكي يتنافسون في ذلك الجهاد الذي بدأه عماد الدين زنكي بن آق سنقر (٢)، حتى تم النصر على يد صلاح الدين
_________
(١) ترجمته في: وفيات الأعيان (٥/ ٢٨٣).
(٢) ترجمته في: وفيات الأعيان (٢/ ٣٢٧).
مقدمة / 13