98
وقافية مثل السنان رزينةٍ ... تناولت من جو السماء نزولها فقالت: يراها الذي لا ينطق الشعر عنده ... ويعجز عن أمثالها أن يقولها فقال: والله لا قلت بيت شعر ما دمت حية. قالت: أو أؤمنك؟ قال: فذاك، قالت: فأنت آمن أن أقول بيت شعر ما بقيت! وروى عقيل بن خالد عن ابن شهاب أن مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير اجتمعا ذات يوم في حجرة عائشة - رضي الله تعالى عنها - والحجاب بينهما وبينها، يحدثانها ويسألانها، فجرى الحديث بين مروان وابن الزبير ساعةً وعائشة تسمع، فقال مروان: فمن يشأ الرحمن يخفض بقدره ... وليس لمن لم يرفع الله رافع فقال ابن الزبير: ففوض إلى اله الأمور إذا اعترت ... وبالله لا بالأقربين أدافع فقال مروان: وداو ضمير القلب بالبر والتقى ... فلا يستوي قلبان: قاسٍ وخاشع فقال ابن الزبير: ولا يستوي عبدان، هذا مكذب ... عتل لأرحام العشيرة قاطع فقال مروان: وعبد يجافي جنبة عن فراشه ... يبيت يناجي ربه وهو خاشع فقال ابن الزبير: وللخير أهل يعرفون بهديهم ... إذا اجتمعت عند الخطوب المجامع فقال مروان: وللشر أهل يعرفون بشكلهم ... تشير إليهم بالفجور الأصابع فسكت ابن الزبير ولم يجب، فقالت عائشة ﵂: يا عبد الله، مالك لم تجب صاحبك! فوالله ما سمعت تجادل رجلين تجادلًا في نحو ما تجادلتما فيه، أعجب إلى من تجادلكما؛ فقال ابن الزبير: إني خفت عوار القول فكففت، فقالت عائشة ﵂: أما إن لمروان إرثًا في الشعر ليس لك من قبل صفوان بن المحرث الكناني - وكانت أم مروان آمنة بنت علقمة بن صفوان. وروى أبو عبد الله الجماز قال: كنت أنا وأبو نواس جالسين عند باب عثمان، إذ مر بنا أحمد بن عبد الوهاب الثقفي - وهو غلام حسن - فقال له أبو نواس: قبلني قبلة، فقال: لا، حتى

1 / 103