171
وكذاك دهر بني خليف لم يزل ... يثني المعاطف في حبير حبور وأخبرني الفقيه أبو الحسن علي بن الطرسي المعروف بابن السيوري الإسكندري النحوي بما هذا معناه قال: كنت مع الأعز ابن قلاقس في جماعة، فمر بنا أبو الفضائل بن فتوح المصري وه عائد من المكتب، ومه دواته، وهو في تلك الأيام قرة العين ظرفًا وجمالًا، وراحة القلب قربًا ووصالا، كل عينٍ إلى وجهه محدقة، ولمشهد خديه بخلوق الخجل محملقة، فاقترحنا عليه أن يتغزل فيه، فصنع بديهًا: علقته متعلقًا ... بالخط منعكفًا عليه حمل الدواة ولا دوا ... ء لعاشقٍ يرجى لديه فدماء حبات القلو ... ب تلوح صبغًا في يديه لم أدر ما أشكو إليه: ... أهجره أم مقلتيه؟ والحب يخرسني على ... أني ألكع سيبويه مالي إذا قابلته ... شغل سوى نظري إليه وأخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي اليحصبي القرموني بدمشق قال: اصطحبت أنا والوزير أبو عبدا لله محمد بن الشيخ الأجل أبي الحسن بن عبد ربه حفيد صاحب كتاب العقد في مركب إلى الإسكندرية، فلما قربنا منها هاج علينا البحر حتى أشرفنا على الغرق، فلاح لنا ونحن على هذا الحال منار إسكندرية، فسررنا برؤيته، وطمعنا في السلامة، فقال لي: لابد أن أعمل في المنارة شيئًا، فقلت له: أعلى مثل هذا الحال الذي نحن فيه! قال: نعم، فقلت: فاصنع، فأطرق ثم عمل: لله در منار الإسكندرية كم ... يسمو إليه على بعد من الحدق من شامخ لأنف في عرنينه شمم ... كأنه باهت في دارة الأفق يكسر الموج منه جانبي رجلٍ ... مشمر لذيل لا ينجو من الغرق لا يبرح الدهر من ورد على سفن ... ما بين مصطبحٍ منها ومغتبق للمنشآت الجواري عند رؤيته ... كموقع النوم من أجفان ذي أرق تهوى إليه وعنه الفلك طائرة ... بمثل أجنحة صيغت من الخرق كأنه وعليه الفلك حائمة ... برج الحمام، فمن آتٍ ومنطلق

1 / 176