ومِن ها هنا ينْفَصِل لك النِّزاعُ في ترجيح تصحيح "البخاري" على "مُسلمٍ"، كما هو قولُ الجمهور، خِلافًا لـ"أبي علي النَّيْسابوري" شيخ "الحاكم"، وطائفةٍ مِن عُلماء المَغْرب (١).
ثُمَّ إن "البخاري" و"مسلمًا" لم يلتَزما بإخراج جميع ما يُحْكَم بصِحَّتِه منَ الأحاديث؛ فإنهما قد صَحَّحا أحاديثَ ليستْ في كتابَيْهِما، كما ينْقُل"التِّرمذي" وغيرُه عن "البُخاري" تصحيحَ أحاديثَ ليستْ عنده، بل في السُّنَن وغيرها (٢).
_________
= الفاضِل/ طارق عوض الله، و"مقدمة ابن الصلاح " (ص ٢٢٠)، و"السير" ١٢/ ٥٧٣، و"الموقظه" ص ٤٤ - ٤٦، و"شرح العلل"١/ ٣٩٥ - ٣٧٥، و"النكت" ٢/ ٥٩٥، و"نصب الراية" ١/ ١٤١ - ١٤٢، ومقدمة "جامع التحصيل" للعلائي.
تنبيه: ذَكَر "ابن كثير " جزءًا مِن هذه المسألة في "نوع المعْضَل - تبعًا لابن الصَّلاح، وقال: "وأما البخاريُّ: فإنَّه لا يشترطُه في أصل الصِّحة، ولكن التزَم ذلك في كتابه الصحيح".
وتعقَّبَهُ "ابنُ حجر" قائلًا: "ادَّعى بعضُهم أنَّ البُخاري إنما الْتَزَم ذلك في "جامعِه"، لا في أصل الصِّحَّة، وأخطأ في هذه الدَّعوَى بل هذا شَرْطٌ في أصل الصِّحَّة عند البخاري؛ فقد أكْثَرَ مِن تعليل الأحاديث في تاريخِه بمُجَرد ذلك"؛ " النكت" (٢/ ٥٩٥).
(١) قال أبو علي النيسابوري: "ما تحت أديم السَّماء كِتابٌ أَصَحُّ مِن كتاب مُسلم بن الحَجَّاج"؛ "الجامع" للخطيب (٢/ ١٨٥)، وانظر لزامًا: "النكت"؛ لابن حجر ١/ ٢٨٤، وكذلك انظر: "صيانة صحيح مسلم"ص ٦٩، و"الشذا الفياح" ١/ ٨٢، و"المقنع" ١/ ٥٨، و"التقييد" للعراقي ص ٢٦، و"تدريب الراوي" ١/ ٩٨.
(٢) كما في حديث "أبي هريرة" في ماء البحر؛ انظر: "علل الترمذي الكبير" ص ٤٢ (٣٣)، والترمذي (٦٩)، وحديث "عبد الله بن عمرو" في مسِّ الذَّكَر، وحديث "عمار": "أقصروا الخطب"؛ انظر: " علل الترمذي الكبير" ص ٩٢.
1 / 83