العقلية دلت على كونه تعالى منزها عن الآلات. وما أجاب به الجمهور عن ذلك من أن احتياجنا فى السمع والبصر إلى آلاته إنما هو بسبب عجزنا وقصورنا ، وذات الواجب لبراءته عن القصور يحصل له بلا آلة ما لا يحصل لنا إلا بها ، وليس هذا إلا قياس الغائب على الشاهد مع الفرق الواضح بينهما ، فهو خروج عن المعقول كما هو فى دأبهم فى كثير من الأصول ، على أنه قد وقع من بعضهم قياس الغائب على الشاهد فى هذا المقام فى الدليل المذكور لإثبات أصل الإدراك كما أشرنا إليه آنفا.
وما استدلوا به على أن السمع والبصر صفتان زائدتان على العلم من أنا إذا علمنا شيئا علما تاما جليا ، ثم أبصرناه نجده بالبديهة بين حالتين فرقا ، ونعلم بالضرورة أن الحالة الثانية تشتمل على أمر زائد مع حصول العلم فيهما ، فذلك الزائد هو الإبصار. وكذا الكلام فى السمع وساير الإدراكات بالحواس ، فذلك على تقدير تمامه إنما يدل على كون السمع والبصر زائدين على العلم فى الإنسان ، وأما فى الواجب تعالى فكلا ، إلا أن يبنى الكلام على قياس الغائب على الشاهد ، وفيه ما لا يخفى مع انهم استبعدوا ذلك فى هذا المقام وغيره من المقامات.
** الصفة
** السادسة
** أنه تعالى قديم أزلي باق أبدى ،
القديم ما لا يكون وجوده مسبوقا بالعدم ويقابله الحادث. والأزلى ما لا بداية له سواء كان موجودا فى الخارج أولا ويقابله المتجدد فهو أعم من القديم. والبقاء استمرار الوجود ، والأبدى ما لا نهاية له ، فالأزلى مؤكد للقديم ، والأبدى مخصص للباقى.
وإنما عد هذه الصفات الأربع صفة واحدة باعتبار أن مجموعها راجع الى السرمدية وهى كون الشيء لا بداية ولا نهاية له. وإنما قلنا باتصافه تعالى بتلك الصفات
** لأنه واجب الوجود لذاته
ضرورة ان مقتضى الذات يمتنع أن ينفك عنه قطعا
** فيستحيل العدم السابق واللاحق عليه
والأزلية ، واستحالة العدم اللاحق يستلزم البقاء والأبدية.
Sayfa 119