مطلقا على ما مر غير مرة.
أقول : فيه نظر ، لأنه يمكن إجراء الكلام فى الإرادة بأن يقال لو كان تعلق الإرادة بأحد طرفى الممكن قديما لم يصلح لأن يكون مخصصا له ببعض الأوقات ، ولو كان حادثا لا بد له من مخصص كما فى القدرة ، فيلزم التسلسل فى الأمور الموجودة بحسب نفس الأمر وما هو جوابنا فهو جوابكم.
وأما قيل من أن الإرادة لو استوى نسبتها إلى الطرفين فلا بد فى تعلقها بأحدهما من مخصص كما فى القدرة ويلزم التسلسل وإلا يلزم الإيجاب فهو مندفع بما قدمنا فى تحقيق الفرق بين القدرة والإيجاب فلا تغفل.
** ولأنه
** أمر
** ونهى
** وهما
** يستلزمان الإرادة والكراهة
ضرورة أن الأمر بما لا يراد والنهى عما يراد قبيحان ، والقبح من الله تعالى محال قطعا على ما سيأتى بيانه ، فيثبت أنه مريد وكاره وهو المطلوب.
وأما الأشاعرة منعوا القول بأن الأمر بما لا يراد والنهى عما يراد قبيحان ، مستندا بأنه ربما لا يكون غرض الآمر الإتيان بالمأمور به ، كما إذا أمر السيد عبده بفعل امتحانا هل يطيعه أولا؟ فإنه لا يريد منه شيئا من الطاعة والعصيان او اعتذار عن ضربه بأنه لا يطيعه فإنه يريد منه العصيان ، وكما إذا أكره شخص بنهب أمواله فإنه لا يريد بهذا الأمر نهب أمواله قطعا وكذا النهى.
ويمكن أن يجاب عنه بأن الموجود فى الصور المفروضة إنما هو صورة الأمر والنهى والكلام فى حقيقتها ، ولا شك أن حقيقة الأمر طلب الفعل وحقيقة النهى طلب الترك وطلب فعل ما لا يراد وطلب ترك ما يراد قبيحان بديهة. ولهم أن يناقشوا بأنه يجوز أن يكون الأمر والنهى الصادر عن الله تعالى أيضا صورة الأمر لا حقيقتهما ، وبأن الأمر بما لا يراد والنهى عما يراد إنما قبيحان منا لا من الله تعالى ، بناء على ما ذهبوا إليه من أنه لا قبيح منه أصلا ، لكن لا يخفى ما فيهما من المكابرة والعناد على ما هو رأيهم.
Sayfa 116