وكانَتْ تلبيةُ الأشْعَرِيينَ (٢١٣):
(اللهُمَّ هذا واحدٌ إنْ تَمَّا ...)
(أَتَمَّهُ اللهُ وقد أَتَمَّا ...)
(إنْ [تغفرِ اللهّمَّ] تَغْفِرْ جَمَّا ...)
(وأيُّ عَبْدٍ لكَ لا أَلَمَّا ...)
وكانتْ تَلْبِيَةُ الأنصارِ (٢١٤):
(لَبَّيْكَ حَجًّا حَقَّا ... تَعَبُّدًا ورِقَّا)
(جئناكَ للنصاحة ... لم نأتِ للرّقاحة)
هذا جميع ما سَمِعْنا من التَّلابي.
ثُمَّ القولُ في جميعِ الشهور التي بَدَأْنا بذكرها قبلِ التلبيةِ: فمنها المُحَرَّمُ: فإذا جَمَعْتَهُ قُلتَ: المُحَرَّماتُ، بالتاءِ. فإنْ قُلتَ: الشهورُ المُحَرَّمةُ، بالهاء، فجائزٌ إذا جعلتَ المحرَّم صفةً، من حُرِّم فيه القتالُ، مِثْلُ المُكَرَّم [و] (٢١٥) المُمَجَّدِ.
فإنْ صيَّرْتَهُ اسمًا للشهرِ قُلتَ: المُحَرَّماتُ، ولم تَقُلِ المُحَرَّمَةُ، فإنّما يكونُ ذلك في الصفةِ، مثلُ بَعِيرٍ مُقْبِلٍ، وإبلٍ مُقبِلَةٍ، وحِمارٍ مُسْرِعٍ، وحُمْرٍ مُسْرِعَةٍ.
إنْ قُلتَ: الأَشْهُرُ المحارمُ والمحاريمُ، على أنْ تعوضَ الياءَ من التثقيل الذي في المُحَرَّمِ إذا أَرَدْتَ الاسمَ كما يُجْمَعُ مُحَمَّدٌ فيُقال: محامِدُ ومحاميدُ. وليسَ بالسهلِ أنْ تقولَ (٢١٦): محارِم، فتكسر الاسمَ، وأنتَ تُريدُ الفِعْلَ.
كما أنّكَ لو قُلْتَ في مُكَرَّمٍ ومُمَجَّدٍ: مكارِمُ ومماجِدُ، لم يكن بسهلٍ.
_________
(٢١٣) البيتان الأخيران في اللسان (جمم) . والزيادة منه.
(٢١٤) المحبر ٣١٢. وفي غريب الحديث للخطابي ٢ / ٢٢٧ نسبت التلبية إلى نزار ومضر.
(٢١٥) يقتضيها السياق.
(٢١٦) في الأصل: يقول.
1 / 44