9
سيدنا إلى العريف ووكلها العريف إلى صاحبنا، وأخذ صاحبنا يسلك معها مسلك العريف معه، وكان أهل هذه الفتاة أغنياء، ولكنهم من المحدثين، كان أبوها حمارا ثم أصبح تاجرا مثريا، وكان ينفق على أهله من غير حساب، ويسبغ
10
عليهم سعة غريبة من العيش، فلم تكن تنقطع الفلوس من يد نفيسة، وكانت أقدر الصبيان على تخير الرشا، ثم كانت أحفظهم للقصص، وأقدرهم على الاختراع، وأحفظهم لألوان الغناء المفرح، «والتعديد» المبكي، وكانت تحسن الغناء والتعديد معا. وكانت غريبة الأطوار، في عقلها شيء من الاضطراب، فكانت تلهي صاحبنا أكثر وقته بحديثها وتعديدها، وأقاصيصها وألوان رشوتها، وبينما كان صاحبنا يرشو ويرتشي، ويخدع ويخدع، كان القرآن يمحى من صدره آية آية وسورة سورة، حتى كان اليوم المحتوم ... ويا له من يوم!
الفصل العاشر
كان يوم الأربعاء، وكان صاحبنا قد قضاه فرحا مسرورا، زعم لسيدنا في أول النهار أنه قد أتم الختمة، ثم فرغ بعد ذلك لاستماع القصص والأحاديث، وعبث آخر النهار.
فلما انصرف من الكتاب لم يذهب إلى البيت، وإنما ذهب مع جماعة من أصحابه إلى الجامع ليصلي العصر، وكان يحب الذهاب إلى الجامع، والصعود في المنارة، والاشتراك مع المؤذن في التسليم؛ «وهو النداء الذي يلي الأذان الشرعي.»
ذهب في ذلك اليوم وصعد في المنارة، واشترك في الأذان وصلى، وأراد أن يعود إلى البيت، ولكنه افتقد نعله فلم يجدها، كان قد وضعها إلى جانب المنارة، فلما فرغ من الصلاة ذهب يلتمسها فإذا هي قد سرقت. أحزنه ذلك بعض الشيء، ولكنه كان فرحا مبتهجا هذا اليوم، فلم يجزع ولم يقدر للأمر عاقبة، وعاد إلى البيت حافيا، وما كان أبعد المسافة بين البيت والجامع! ولكن ذلك لم يرعه،
1
فكثيرا ما مشي حافيا.
Bilinmeyen sayfa