شاهدت رجلا يسوق فرسا تجر عربة ووراءها ولدها، فخيل لي أن العربة الأمة المغلوبة، والسائق الغالبة، والفرس الآباء وولدها هم الأبناء، وأن الأمة الغالبة تسوم المغلوبة سوء العذاب، وتعطي أبناءها دروس الذلة والمسكنة بإذلالها الآباء، هكذا نوع الإنسان وهكذا كان.
الحكمة الحادية عشرة: الرضى
إن أحوال الناس متباينة، ولكل حال تباين حال الآخر، والمرء ما دام حيا يتطلع لما هو أحسن وأجمل، فليكن المرء راضيا بما هو فيه، ساعيا فيما هو أعلى بحيث لا يشوش الرضا على العمل والسعي، ولا السعي على العمل والرضا.
الحكمة الثانية عشرة: بم امتاز الإنسان
الإنسان يغتذي ويلد ويموت، والنبات غذاؤه الأرض والهواء والشمس والماء، والإنسان غذاؤه خالص نبات وحيوان وهما من الأرض، فلا فرق بين الغذاءين إلا أن هذا سهل بسيط وذاك صعب المطلب غير بسيط، فاللحم واللبن والخبز وأنواع الفاكهة أغذية الإنسان يعوزها الطهي والنضج وغيرها.
إذا افتخر الإنسان بالأغذية والمال والثروة فقد جهل، وكيف يفخر بما سعد به النبات! النبات ليس له أرجل يمشي بها، ولا سكك حديدية، ولا بريد ولا كهرباء ولا لغة التخاطب، هو غني عن هذا كله، إن حياته بما هو حاضر لديه.
الإنسان مهد السبل ونظم البريد لتتيسر له الحياة ويعيش، الشجرة لا تحتاج للشجرة، فلا تنتقل إليها فلم يتيسر لها أسباب النقلة، الإنسان محتاج للإنسان فتيسرت له أسباب النقلة وها هو صنع البريد والكهرباء، فليتحاب الإنسان، فليتقرب من أخيه، فليكونوا أعوانا ليستخرجوا من الأرض كنوزها، إلا أن الحرب تقطعهم، والحقد يؤخرهم، وربما لفظتهم الأرض، وجيء لها بقوم آخرين إذا تركوا مواهبهم وتحاربوا.
ألا إن معادن الأرض وفوائدها مخزونة إلى حين، فليحترس نوع الإنسان، وليقم في الأرض بالقسط، وليكونوا يدا واحدة في مشارق الأرض ومغاربها وإلا حقت عليهم كلمة العذاب وتفجرت الأرض نارا فأصبحوا فيها جاثمين كأن لم يغنوا بالأمس وهم هالكون.
الحكمة الثالثة عشرة: الكهرباء
لمع ضوء برقي تحت عجلة الكهرباء ضحى في حمارة القيظ فأشرق وأضاء سناها الأزرق المحمر بشكل عجيب جميل. فقلت: الحياة أعمال ومشاق والعقول تضيء وتسعد.
Bilinmeyen sayfa