ثم افهم قوله صلى الله عليه وسلم : ((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع))، فكتم الله سبحانه هذا عنا حتى نتدافن بحكمته الإلهية ولطفه الرباني {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}، ولا رب لمن يدعي الإسلام إلا من هذه صفته، وأما من زعم أن ربه لا يفعل الأشياء الجزئية ولا يكمل أغراضه وأفعاله إلا النواب كالنفس والطبيعة والعقل والكواكب، فليس الكلام مع هؤلاء في عذاب القبر بل الكلام عليهم في المخالفة في أوصاف الرب تعالى الله عما يقول المبطلون. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ثبت عنه باتفاق أنه قال:
((إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، قال: يأتيه ملكان فيقعدانه، وفي رواية محمد بن منهال: إنه ليسمع خفق نعالهم إذا انصرفوا، أتاه ملكان فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعدا من الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فيراهما جميعا)) الحديث بطوله أخرجاه في ((الصحيحين)) عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والإقعاد إنما يجري على جسد الميت، وإن الميت يعاين ذلك عيانا وهو في قبره.
Sayfa 249