Kağıtlarım... Hayatım (Birinci Kısım)

Nevval Saadavi d. 1442 AH
142

Kağıtlarım... Hayatım (Birinci Kısım)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

Türler

المعرفة سلاح، كيف أحمي حياتي دون أن أعرف ماذا يهددها؟ إذا كانت الحكومات تريد حقا حمايتي، فلماذا تخفي عني أهم المعلومات؟ هذه الحكومة لم تكف عن البطش بي، لم تكف عن توجيه الضربات إلي حتى الضربة الأخيرة منذ عشر سنوات والمجلة التي كنت أصدرها، كيف تحاربني الحكومة كل هذه الحرب وفي الوقت نفسه تحرسني؟! - أشكركم كثيرا لست في حاجة إلى هذه الحراسة. - لا يا دكتورة، عندنا أمر ولا بد من تنفيذه. - أتحرسون حياتي ضد إرادتي؟ - أيوه. - إزاي ده؟ - لأن حياتك يا دكتورة ليس ملكك، إنها ملك الدولة!

أصبحت أعيش تحت الحراسة المسلحة وحياتي ليست ملكي، رجال مسلحون أمام باب البيت ليل نهار، حارس يرافقني في كل خطوة، اسمه «البودي جارد»، شاب طويل عريض يحمل مسدسا، يرتدي قميصا بلون الصاعقة، أتوقع الضربة على ظهري وأنا أمشي أمامه، لو انطلقت الرصاصة فهي منه أو أحد الحراس، ما دامت هذه الحراسة موجودة أشعر بالخطر.

في الليل أسمع الدبات الخانقة تقترب من السرير، أهب من النوم مبللة بالعرق، أتوقع رؤية الشيطان سافرا أو الإله ملثما، يصوب إلى رأسي المسدس، أرى الظلال تتحرك فوق الجدار، أعود طفلة تخاف في الليل من العفاريت، في الصباح أستعيد شجاعتي أرتدي الحذاء الكاوتش، أخرج مع شريف إلى شاطئ النيل، نمشي بخطوة سريعة في الرياضة اليومية، لم نكف عن هذه الرياضة يوما واحدا، أدوس على الخوف وأخرج من باب البيت، قد تنطلق الرصاصة أو لا تنطلق، لم أعد أشعر بالخطر، أصبحت جزءا منه، لم أعد أشعر بالموت، أصبحت أنا الموت.

أكان هو الوهم الذي وصفه صديقي رجاء في قصائده، أو ربما هو الحقيقة، فأنا أمشي على شاطئ النيل، أدوس بقدمي على الأرض، جسدي يندفع إلى الأمام بحركة قوية، هذه اللحظة الحاضرة متصلة تمتد إلى الأبد، هي الحقيقة الوحيدة أمام عقلي، اللحظة الماضية بكل مخاوفها ماتت، اللحظة القادمة غير موجودة، سواء انطلقت فيها الرصاصة أو لم تنطلق، المستقبل ميت والماضي معدوم، والموت غير موجود، الحاضر فقط هو الذي يعيش. •••

قدمت طلبا لوزارة الداخلية أطلب الترخيص لي بحمل مسدس، إذا كانت حياتي مهددة فمن حقي الدفاع عنها، رفضت الحكومة طلبي، أصبحت على يقين أن هذه الحكومة لا تريد حمايتي، ماذا تريد إذن؟

كانت الحراسة شكلية بلا فائدة، الحارس يجلس في مدخل العمارة على مقعد أخذه من بيتنا، رجل متوسط العمر يشبه الفراشين في الحكومة، يرتدي بدلة صفراء باهتة أكمامها مهترئة، يمد يده ويأخذ البقشيش من سكان العمارة، يحمل عنهم الحقائب أو أكياس الفاكهة والخضار، إن نفحه أحدهم مبلغا كبيرا يصعد معه في الأسانسير حتى باب شقته، في الليل حين أدخل إلى العمارة أراه نائما فوق المقعد، أوقظه وأنا أقول: اصحى يا عم محمد عشان تحرسني، يضحك الرجل، يكشف عن أسنانه البيضاء تحت الشارب الأسود الكثيف: «معليش يا دكتورة أصل النوم سلطان.» - يا ريت تنام في بيتك بدل نومة الكرسي دي؟ - ما أقدرش يا دكتورة. - ليه؟ - إذا جه المفتش أعمل إيه. - المفتش مش جاي روح نام في بيتك.

منذ جاءت الحراسة في 9 يونيو 1992م حتى غادرت الوطن في يناير 1993م، لم يأت المفتش مرة واحدة، كانت الحراسة تتغير، يأتي شباب أكثر قدرة على اليقظة، أراهم واقفين في الليل، أرسل إليهم المقاعد والبطاطين ووجبات الطعام، أعطيتهم بعض كتبي، لا يعرفون شيئا عن المرأة التي يحرسونها، كنت أسألهم: أتعرفون من أنا؟ أتعرفون لماذا تحرسون حياتي؟! لا يعرفون شيئا، عندهم أوامر واجبة التنفيذ، جنود في الحكومة واجبهم الطاعة دون مناقشة كالنساء في بيوت الزوجية. •••

في الصباح الباكر كان البودي جارد يدق الجرس، يفتح شريف الباب: «صباح الخير يا رفيق، النهاردة ده عندك إجازة، ما فيش مواعيد عند الدكتورة، مش هتخرج من البيت، تعالى بكرة.»

في اليوم التالي يأتي، يكرر شريف له العبارة، أصبح مهمتنا كيف نهرب من البودي جارد، في غيابه يزول الخطر، أشعر بالحرية، أخرج وأمشي في الشوارع دون خوف، لا أستدير لأرقب يده قبل أن تطلق الرصاصة في ظهري. •••

الكتابة في حياتي هي الملاذ، لا شيء يعوضني عن حروفي فوق الورق، الكتابة أنقذتني من الموت، عن طريقها أتنفس، أعبر عن نفسي، أكسر العزلة بين جسدي والعالم ، أخلق كلماتي وكلماتي تخلقني، لا أملك في حياتي إلا حروفي وحروفي تملكني، علاقة حب متساوية متكافئة لا يسيطر فيها طرف على الآخر، لولا الكتاب لأصبحت من الموتى، وبسبب الكتابة دخل اسمي قائمة الموت. «قائمة الموت»: عبارة جديدة دخلت حياتنا الأدبية في السنين الأخيرة، بدأنا نسمع عن أسماء أدباء في قائمة الموت، ألتقي صدفة في الطريق بصديق فيسألني في قلق: «تعرفي مين في الآيمة يا نوال؟» الإشاعات تنتشر في القاهرة كالدخان، لا أحد يعرف الحقيقة، نمشي في الضباب، إنه سمة العصر، في الماضي كان العدو مرئيا، نراه أمامنا حاملا سلاحه العسكري، له اسم معروف، هذه القوى المجهولة بلا اسم، كيف نحاربها؟

Bilinmeyen sayfa