170

أما أنا فأقدم برهاني بسذاجة الأطفال الذين لا يعرفون ولا يستطيعون إلا أن يكونوا أطفالا ... وأقوى برهان الطفل أن يكون الطفل نفسه برهانا عليه، فما عساك تقول؟ أترى الطفل هو عندك أيضا قضية بلاغة؟

لله من الكناية إليك! ما أشدها طربا وأشدها صعوبة في وقت معا! فأنا أخاف لأنك تستشف من الأحرف ما لا يتبينه سواك من الصفحات، وغريب أنني - مع شدة هذا الخوف - لا أكاد أمسك القلم حتى أسير به أو يسير بي أو نسير معا: ليس في أحدنا تروية ولا حذر، كأنني أخاطب نفسي، أو هو يكتب مذكراتي، أي من قلبي لقلبي. أتعجبك هذه الطفولة في الحديث؟

نعم هي ألفاظ كالتي في ألسنة الأطفال، لا كتلك التي في الكتب أو في صناعة البيان، ولكن إذا أنت لم تغض عن ظاهرها فأين إذا الحفاوة بالمكنونات التي لا يراها إلا من خبئت له؟

قياس الأشياء في الحب

كم أراك تحتاط بطريقة ناعمة لا تصدم كبرياء النفس إلا قليلا! ولكن أيذهب عنك أنها حين تصدمها قليلا تكون صدمتها وكفى ...؟

ليس كل قليل هو قليلا

2

ولا كل كثير هو الكثير، فقياس الأشياء بين الأصدقاء لا يكون في الأشياء ذاتها؛ بل في صلة الإحساس التي تكون في أنفسهم: لأنها إنما تقدر بمقادير الشعور لا بمقادير المادة ... أما رأيت هذه الصلة الوثيقة أيام كنت مريضا قد جعلتك مريضتين ...

إذا كنت على ثقة من هذه القضية، فانا الآن راضية عن هذه الابتسامة الطويلة التي أثق أنك تبتسم بها، وإن كنت لا أراها!

البربرية

Bilinmeyen sayfa