2
أو صعلوك؟ وأذكر جوابي إذ أجبتها: إن الدينار في نفسه ملك يحكم الملوك والفقراء، فهذا من رعيته، وهذا من رعيته، وهو فوقهما فلا يعلو به من يعلو ولا ينزل به من ينزل، وكذلك دينار شتمها: هو على كل حال في يدي كما هو في يدها، ولو أنها جعلت قيمته في يوم غضبها مئة لعنة لما منعني ذلك أن أصرفه منها هي في يوم رضاها مئة قبلة! •••
أصحيح أن شتمها كلمة حب محترقة، وأنها عبارة ذات تأويل قبل أن تكون عملا ذا صراحة، وأنها من باب قول المرأة لمن تحبه: ابعد عني! إياك أن تصدقني وتبتعد ...!؟
ذلك صحيح لا ريب فيه، ولقد قالت لي مرة في أمر سبق إلى قلبي منه شيء فعاتبتها: إنها مسألة لا تهم.
فقلت لها: نعم لا تهم، ولكنها تدل ...!
فقالت: نعم تدل، ولكن معها الحب فلا تهم ولا تدل ...!
عندها أن الحب يغير كل شيء، وقد فهمنا من قبل أنه يغير المرأة المحبوبة في نظر محبها؛ لأنها زائدة على النساء رغباته وأوهامه، ويغير الرجل العاشق في نظر حبيبته إذ هو زائد على الناس إما برغباتها وإما بحمقه وجنونه وغفلته، ويغير الطبيعة في نظر العاشق؛ لأنها مع الحب لا ترى إلا زائدة لون النفس، والآن فهمنا أنه يغير الكلام أيضا إذا صار الكلام زائدا تفسير الحبيبة المتكلمة، وانضاف إلى ظاهره مكتمها.
وذلك صحيح؛ لأن هذه الشاعرة الفيلسوفة تشعرني في كلمتها الجافية بأثر من الرقة والظرف يدل على أن قلبها مر في بعض مواضع من مقالتها، وخفق على موضع وأن في موضع.
ذلك صحيح بلا ريب، والحب كالحرية: هذه تأتي أهلها بالثورة المدمرة وفيها أسباب من الحياة لها ما بعدها، وذاك يهدي الشتم وفيه أسباب من الدلال ولها ما بعدها!
يا صباحا أهدى الضبابة دكناء. فغطى الضياء منك
Bilinmeyen sayfa