وشد على منكبه حتى أن دعبس أنينا مسموعا، فقال جبل بحدة: ترفق به، ألا ترى أنه أكبر منك سنا وأضعف بنية؟
رفع قدرة يده عن منكبه وصفعه على قفاه بقوة تقوس لها ظهره، ثم ضرب بركبته دبره فانكفأ على وجهه، وسرعان ما برك فوقه وراح يكيل له الضربات، وهو يقول بصوت يزفر الغل والحنق: ألم تسمع ما قال زقلط؟!
واشتعل الغضب في دماء جبل فصاح به: اللعنة عليك وعلى زقلط، اتركه يا قليل الحياء!
فكف قدرة عن ضرب دعبس ورفع إلى جبل وجها ذاهلا، ثم قال: أنت تقول هذا يا جبل؟! ألم تشهد حضرة الناظر وهو يأمر زقلط بتأديب آل حمدان؟
فصاح جبل وغضبه آخذ في ازدياد: اتركه يا قليل الحياء.
فقال قدرة بصوت يرتعش من الحنق: لا تظن أن خدمتك في بيت الناظر تحميك مني إذا أردت محاسبتك!
فانقض عليه جبل كمن فقد وعيه وركله فألقاه جانبا وصاح به: عد إلى أمك قبل أن تثكلك.
وثب قدرة قائما وهو يتناول نبوته من على الأرض ثم رفعه بخفة، ولكن جبل بادره بضربة في بطنه من يد قوية فترنح متألما. وانتهز جبل هذه الفرصة فخطف النبوت من يده ووقف وهو ينظر نحوه بحذر. تراجع قدرة خطوتين، ثم انحنى بسرعة خاطفة فالتقط حجرا، ولكنه قبل أن يقذف به أصاب النبوت رأسه فصرخ، ودار حول نفسه، ثم سقط على وجهه والدم يتفجر من جبينه بغزارة. كان الليل يهبط فنظر جبل فيما حوله فلم ير أحدا إلا دعبس الذي وقف ينفض جلبابه ويتحسس المواضع التي تؤلمه من جسده، ثم اقترب من جبل وهو يقول ممتنا: عوفيت من أخ كريم يا جبل.
فلم يجبه جبل، وانحنى فوق قدرة فعدله على ظهره، ثم تمتم: أغمي عليه!
فانحنى دعبس فوقه كذلك ثم بصق على وجهه، فجذبه جبل بعيدا عنه، وانحنى فوقه مرة أخرى، وراح يهزه برفق ولكنه لم يبد أملا في الإفاقة، فتساءل: ما له؟
Bilinmeyen sayfa