حاول قدري أن يفلت من قبضة أدهم، ولكن أدهم لم يمكنه، وانهال في عصبية على وجهه باللكمات فلم يتفاد من لكمة أو يتأوه من ألم. وكف الرجل، ثم قال: لا تضيع الوقت، أمك تنتظر.
وارتعد قدري لدى ذكر أمه، فقال برجاء: دعني أختفي.
فجذبه نحو الجثة وهو يقول: هلم نحمله معا.
تحول أدهم إلى الجثة ووضع يديه تحت إبطي همام، وانحنى قدري واضعا يديه تحت الساقين. رفعا الجثة معا، وسارا في بطء نحو خلاء الدراسة. أوغل أدهم في مشاعره الأليمة حتى فقد أي شعور بالألم أو بسواه. ولبث قدري يعاني ألما من خفقان قلبه وارتجاف أطرافه. وامتلأ أنفه برائحة ترابية نفاذة على حين سرى مس الجثة من يديه إلى أعماقه. وكان الظلام غليظا بينما نضح الأفق بأنوار الأحياء الساهرة. وشعر قدري باليأس يكتم آخر أنفاسه فتوقف قائلا لأبيه: سأحمل الجثة وحدي.
ووضع ذراعا تحت الظهر وأخرى تحت الفخذين، وسار يتبعه أدهم.
22
وعندما اقتربا من الكوخ جاءهما صوت أميمة متسائلا في جزع: هل وجدتماه؟
فصاح أدهم بصوت آمر: اسبقيني إلى الداخل!
وسبق قدري إلى الكوخ؛ ليتأكد من اختفائها. ووقف قدري عند مدخل الكوخ لا يريد أن يتحرك. وأشار له أبوه بالدخول، فامتنع قائلا في صوت هامس: لا أستطيع أن ألقاها.
فهمس الأب حانقا: استطعت ما هو أفظع.
Bilinmeyen sayfa