فقالت وهي شاردة اللب: إنه ينكر الحياة، ولكنه لا يستحق الموت.
فتقلص فوه اشمئزازا وقال: في الحارة كفايتها من المجانين.
فنظرت إليه في استعطاف ثم غضت بصرها وهمست وكأنما تحدث نفسها: أنقذني يوما من الهلاك.
فضحك في سخرية غليظة وقال: وها أنت ذي تسلمينه للهلاك، واحدة بواحدة والبادي أظلم!
فشعرت بقلق موجع كالمرض، ورمقته بعتاب وهي تقول: فعلت ما فعلت؛ لأنك أغلى من حياتي.
فربت خدها برقة وقال: سيخلو لنا الجو، وإذا ضايقتك الظروف فلك في هذا البيت مكان.
فارتفعت روحها من هبوطها درجات وقالت: لو عرضوا علي بيت الواقف من دونك ما قبلته. - أنت بنت مخلصة.
وشكتها «مخلصة» فعاودها القلق الذي هو كالمرض. وتساءلت: ترى هل يسخر منها الرجل؟ ولم يكن ثمة وقت لمزيد من الكلام فقامت وقام ليودعها، حتى تسللت من الباب الخلفي. ووجدت زوجها وأصحابه في انتظارها، فجلست إلى جانب زوجها وهي تقول لرفاعة: بيتنا مراقب، ومن الحكمة أن أمك تركت المصباح مشتعلا وراء النافذة، وسيكون الهرب ميسورا عند الفجر.
فقال لها زكي وهو يلحظ رفاعة في حزن: لكنه حزين، أليس المرضى في كل مكان؟ وأليسوا هم في حاجة كذلك إلى الشفاء؟
فقال رفاعة: تشتد الحاجة إلى الدواء حيث يستفحل المرض.
Bilinmeyen sayfa