فساد الصمت واشرأبت الأعناق نحو أدهم وإخوته، وعاد إدريس يتساءل: متى كنتم لابن الجارية أو لأبيه أصدقاء؟
عند ذاك تقدم رضوان خطوات وهتف قائلا: أخي، من الحكمة أن تدع الزفة تمر ...
فصاح إدريس مقطبا: أنت آخر من يتكلم يا رضوان، أنت أخ خائن وابن جبان، وذليل يشتري رغد العيش بالكرامة والأخوة!
فقال رضوان بإشفاق: لا شأن للناس باختلافاتنا.
فقهقه إدريس قائلا: الناس يعلمون بخزيكم، ولولا جبنهم العريق ما وجدت هذه الزفة زامرا أو منشدا!
فقال رضوان بعزم ثابت: أبوك عهد إلينا بأخيك، ولا بد أن نحفظه!
فعاد إدريس يقهقه وهو يتساءل: أرأيت أنك تدافع عن نفسك لا عن ابن الجارية؟ - أين رشادك يا أخي؟ بالحكمة وحدها تعود إلى بيتك. - إنك كاذب، وأنت تعلم أنك كاذب ...
فقال رضوان في حزن: لن ألومك فيما يخصني، ولكن دع الزفة تمر بسلام ...
فكان جوابه أن انقض على الموكب كالثور الهائج. وأخذ نبوته يرتفع ويهوي فتتحطم الكلوبات وتتصدع الطبول وتتبعثر الورود؛ وراح الناس يولون مذعورين كالرمال أمام العاصفة. وتكاتف رضوان وعباس وجليل أمام أدهم فتضاعف غضب إدريس: يا أنذال، تدافعون عمن تكرهون خوفا على الطعام والشراب!
وهجم عليهم، فتلقوا ضرباته بنبابيتهم دون أن يردوا عليها وهم يتراجعون. وإذا به يرمي بنفسه فجأة بينهم فيشق سبيلا إلى موقف أدهم، فعلا الصوات في النوافذ، وهتف أدهم وهو يتحفز للدفاع عن نفسه: إدريس، لست عدوا لك فارجع إلى عقلك!
Bilinmeyen sayfa