مقدمة المؤلف
رب يسر وأعن الحمد لله الذى رفع رتبة الأدب وذويه، وأعلى منزلة العلم وحامليه، وجعلهم للدين قواما، وللمحاسن نظاما، ففهم بهم الغبى، وأنطق العيى، وصيرهم ورثة انبيائه، وأئمة لأوليائه، وحججا على أعدائه، وألبسهم العز ما أبقاهم، وخلد ذكرهم حين أفناهم، فأعيانهم مفقودة، وأمثالهم فى القلوب موجودة، وذلك من أعظم النعم عليهم، وأفضل المنن لديهم، ولما فى بقاء الذكر من الجمال وفى خلود الاسم من الكمال، قال ابراهيم ﵇ فيما حكى الله تعالى عنه: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ
«١» وقال تعالى: بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ
«٢» فقرعهم باعراضهم عما فيه ذكرهم، وتباهتهم «٣» عما فيه جميل ذكره، وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ
«٤» فامتن عليهم بالقرآن لما لهم فيه من بقاء الذكر، وجميل النشر، وقد قال الأول: ذكر الرجل عمره الثاني، قال الشاعر:
لعمرك إنّ المرء تخلد بعده ... أحاديثه والمرء ليس بخالد
1 / 15