جاءت هذه الرسالة إلى «مي» وكانت في قلق لأنه كان في تلك الأيام مهموما بكثير من الهموم السياسية والعائلية، وتخشى أن تصرفه تلك الهموم عنها بعدما صرحت بشعورها نحوه، وكان هذا الشعور عن وجدان خالص وقلب متيم، فأرسلت إليه ردا على رسالته تقول فيه: «وصلتني رسالتك، ولا يسعني إلا أن أقدر شعورك، ولا تظن أني أنظر إلى أحد من زوار الندوة نظرتي إليك، أو نظرة تجعلني في مكان الانتباه إليه. وأنت لست في حاجة إلى كتابة كلمات أؤكد فيها شعوري نحوك، وما أكنه لك من إعجاب وتقدير، وفي اللقاء متسع للتعبير.
أما عن اقتراحك الحضور في غير «الثلاثاء» فإني أترك لك اختيار اليوم والوقت، على أن يكون الموعد مساء.»
مي
وبعد هذه الرسالة اتصل الأستاذ العقاد بالآنسة مي، واتفقا على أن يكون اللقاء مساء يوم الأحد من كل أسبوع. (2) مي وسارة
وكان أن تقابل العقاد ومي في «يوم الأحد»، وصار هذا اليوم هو موعد لقائهما من كل أسبوع بدل يوم الثلاثاء، وهو موعد الندوة أو «الصالون الأدبي» الذي كان يجتمع فيه طائفة من كبار الأدباء في الشرق، وكانت فيه النجمة الساطعة التي تحيط بها العيون وتتنافس في التحدث معها والاستماع إلى حديثها الأفواه والآذان.
وفي يوم الأحد الأول جاء العقاد إلى منزلها، وجلسا معا في غرفة المكتب يتحادثان، فكان الحديث حديث الحب، فقدم لها العقاد ثمانية أبيات جعلها بعنوان «مولد الحب»، فتناولتها فإذا فيها:
ولد الحب لنا، عاش الوليد
وحماه الله من كيد الحسود
وبدا في مهده، بل عرشه
ضاحكا يأمر فينا ويسود «مي» ما نرضعه؟ نرضعه
Bilinmeyen sayfa