Attaining the Goal by Refining the Beginning of Guidance
بلوغ الغاية من تهذيب بداية الهداية
Yayıncı
دار البشير للثقافة والعلوم
Türler
بلوغ الغاية
من تهذيب
بداية الهداية
للإمام أبي حامد الغزالي ﵀
بقلم
أبي عبد الرحمن البحيري
وائل بن حافظ بن خلف
غفر الله له ولوالديه
Bilinmeyen sayfa
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
مقدمة فضيلة الشيخ
جمال الدين مغازي حفظه الله
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
ونحمد الله الذي منَّ على المؤمنين بأن بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، فهدى به من الضلالة، وبصَّر به من العماية، وفتح به قلوبا غلفا، وأعينا عميا، وآذانا صما، وشرح به الصدور، وأنار به القلوب، وأخرج الناس به من الظلمات إلى النور، مَن صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرًا.
أما بعد:
فهذا الكتاب الذي نشرف بأن نقدم له بذل فيه ولدنا الحبيب وائل (حفظه الله) جهدًا مشكورًا، عسى الله أن يتقبل منه، وإني لأنصح إخواني وأبنائي خاصة طلبة العلم أن يهتموا به تعلمًا وتعليمًا، وقد جربت تدريسه بعد صلاة الفجر، وكان أثره طيبًا ونافعًا بفضل الله ﷾.
وغاية القول أن هذا الكتاب يفتح لك الأبواب إلى الإخلاص بتزكية النفس، وقد قال الله ﷿: ﴿قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها﴾ [الشمس: ٩، ١٠].
وهذا الباب صار مهجورًا عند أكثر الناس إلا من رحم ربي، فتركوا الاهتمام بأعمال القلوب، وهي هي من حيث أهميتها؛ إذ عليها مدار القبول ابتداء ...
فيا أيها الأحباب! اخلصوا تخلصوا.
وهذا كتاب يرسم لك دراسة جدوى لحياتك، من الميلاد إلى الممات، ومن اليقظة إلى المنام، ومن المنام إلى اليقظة.
1 / 9
من الفجر إلى الغروب، ومن الغروب إلى الفجر،،، وهكذا إلى أن يقودك إلى الجنان برحمة الله.
أيها الحبيب! كم تساوي الدنيا عند الله؟
الكتاب يجيب عليك، ويشرح لك لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما شرب كافر منها شربة ماء.
فكم يساوي نصيبك من جناح البعوضة لو قسمت على هذه الأعداد الهائلة من البشر في عصرنا هذا فقط، فما بالك بباقي العصور؟!
فاستجب لربك، وطهر قلبك، واقصد وجه الله دائما، ففي ذلك النجاة والهداية، وهاك بين يديك بداية الهداية.
أسأل الله أن ينفع به كاتبه، ومن أعان على نشره، ومن قرأه، وجميع المسلمين ...
وكتب
المحب لكم
جمال الدين مغازي
1 / 10
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة صاحب التهذيب
نسأل الله حسن الخاتمة
رب يسر وأعن يا كريم
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، العظيم الجبار، أحمده (سبحانه) وحلاوة محامده تزداد مع التكرار، وأشكره ﵎ وفضله على من شكره مدرار.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار ﴿يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار﴾ (الرعد: ٨).
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقدوتنا محمدًا رسولُ الله، سيد الأبرار، وإمام المتقين الأخيار.
اللهم صلِّ عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه كلما سكن ساكن وتحرك متحرك في ليل أو نهار.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ...
فإن كتاب "بداية الهداية" للإمام أبي حامد الغَزَّالي ﵀ (١) من الكتب التي تشتمل على مهمات لا ينبغي لسالك طريق الهداية أن يغفل عن دراستها والعمل بما فيها، وقد قدمه الكثيرون، وانطلقت ألسنتهم بالثناء عليه، وبعيب من هم في غفلة عنه وبغيره يبتدئون.
_________
(١) الغَزَّالي: هو محمد بنُ محمد بنِ محمد بن أحمد. وهكذا يقال بتشديد الزاي، وقد رُويَ عنه أنه أنكر هذا وقال: إنما أنا الغَزَالي - بتخفيف الزاي -. منسوب إلى قرية من قرى طوس يقال لها: غزالة. ا. هـ أفاده الإمام النووي ﵀ في آخر باب من كتابه "التبيان في آداب حملة القرآن".
1 / 15
ولا لوم عليهم في ذلك؛ فإن الطريق الموصلة إلى الله ﵎ ليست مما يقطع بالأقدام، إنما تقطع بالقلوب، فلا بد من أن يكون القلب سليمًا ذا قوة وبصيرة حتى يصل، وإلا حالت دون ذلك الشبهات والشهوات التي تعرض له.
وقد قال رسول الله ﷺ: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» (١).
ولا يمتري أحد في أن الإمام الغزالي ﵀ له يد طولى في الكلام على أمراض القلوب وعللها، وإجادة وصفها وتشخيصها، ووصف الدواء للخلاص منها واستئصالها، وجُل الناس بعده عيال عليه في هذا الباب.
ولكن اعلم - وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإياك ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته -: أن كتب الإمام الغزالي ﵀ تشتمل على الصحيح والسقيم، وتجد فيهما الغث والسمين، وترى فيها الدر الثمين ممزوجًا في الرصف بالخرز المهين.
وهذا ليس من كيسي، إنما هذا كلام أهل العلم والتحقيق الذين جاؤوا من بعده ﵀، قالوه نصيحة للمسلمين، وقد قال سيد المرسلين ﷺ: «الدين النصيحة» (٢).
_________
(١) أخرجه البخاري (٥٢، ٢٠٥١)، ومسلم (١٥٩٩)، والإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٢٦٧، ٢٦٩، ٢٧٠)، وأبو داود (٣٣٢٩)، والترمذي (١٢٠٥)، والنسائي (٤٤٥٣، ٥٧١٠)، وابن ماجه (٣٩٨٤)، والدارمي (٢٥٣١)، وابن حبان (٧٢١ - إحسان)، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وفي "الزهد الكبير" (٨٦٢، ٨٦٣) من حديث النعمان بن بشير ﵄. قال الإمام الترمذي ﵀: «حديث حسن صحيح»، وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي ﵀: «وقد رُوِيَ عن النبي ﷺ من حديث ابن عمر، وعمار بن ياسر، وجابر، وابن مسعود، وابن عباس. وحديث النعمان أصح أحاديث الباب» اهـ.
(٢) أخرجه مسلم (٥٥)، والإمام أحمد (٤/ ١٠٢، ١٠٣)، وأبو داود (٤٩٤٤)، والنسائي (٤١٩٧، ٤١٩٨)، وابن حبان (٤٥٧٤، ٤٥٧٥ - إحسان)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٠٨٩، ١٠٩٠، ١٠٩١)، وابن حزم في "المحلى" (٨/ ٥٩١) طـ/ دار التراث، من حديث أبي رقية تميم بن أوس الدري. وراجع "جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب الحنبلي ﵀ الحديث السابع (٧).
1 / 16
- قال العلامة أبو الفرج ابن الجوزي ﵀ ﴿المتوفى سنة ٥٩٧ هـ﴾ في مقدمة كتابه الموسوم بـ"منهاج القاصدين ومفيد الصادقين" وهو اختصار لكتاب "الإحياء" للغزالي:
«اعلم أن في كتاب " الإحياء " ﴿وغيره﴾ (١) آفات لا يعلمها إلا العلماء،
وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، والموقوفة وقد جعلها مرفوعة (٢)، وإنما
_________
(١) أضفت هذه الكلمة؛ لأن جُل كتب الإمام الغزالي ﵀ تشتمل على بعض هذه الآفات التي يشير إليها ابن الجوزي ﵀، ومن جملة ذلك كتاب "بداية الهداية"، وهو بمثابة صورة مصغرة لكتاب "الإحياء"، فما يقال في "الإحياء" يقال فيه. والله الموفق لا رب سواه.
(٢) ومن أوضح الأدلة على ذلك كتاب الحافظ زين الدين العراقي ﵀ ﴿المتوفى سنة ٨٠٦ هـ﴾ المسمى: " المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار "، فكم من الأحاديث التي جزم الغزالي ﵀ بنسبتها إلى النبي ﷺ، ويقول فيها الحافظ العراقي ﵀: «لا أصل له»، و«لم أجد له أصلًا» ... فضلًا عن الأحاديث الموضوعة، فضلًا عن المنكرة والشاذة والضعيفة المعلولة، حتى قال بعض أهل العلم: «ما رأيت كتابًا أكذب على النبي ﷺ من " الإحياء "»!، ولكننا نقول كما قال ابن الجوزي ﵀: إن الإمام الغزالي لم يتعمد الكذب على رسول الله ﷺ حاشاه من ذلك - ولكنه نقل الأحاديث «كما اقتراها، لا أنه افتراها»، والإمام ﵀ لم يكن من ذوي الاختصاص في علم الحديث حتى يستطيع تمييز صحيح الأخبار من سقيمها، وطيبها من خبيثها، وقد اعترف ﵀ بذلك حيث قال: «أنا مزجى البضاعة في الحديث».
بيد أن الإمام ﵀ مال في آخر عمره إلى سماع الحديث وحفظه، ومات وصحيح البخاري على صدره.
وراجع ترجمة الإمام ﵀ في " البداية والنهاية " للعماد ابن كثير أبي الفداء ﵀ ﴿المتوفى سنة ٧٧٤ هـ﴾ (ج١٢/ ١٤٩) طـ مكتبة الصفا، حوادث سنة (٥٠٥ هـ). وراجع أيضًا "سير أعلام النبلاء" للحافظ العالم العلامة شمس الدين الذهبي ﵀ ﴿المتوفى سنة ٧٤٨هـ﴾.
ومن الأهمية بمكان أن نذكر بأنه ليس معنى تبيين ما في كتب الإمام من الآفات أن نهضمه حقه، وننسى جهودَه وحسناتِه! ... كلا ثم كلا؛ فالغزالي هو الغزالي، وكفى الغزاليَّ فخرًا أنه الغزالي، ذلك الإمام العلامة الجهبذ النحرير الحِبل الزاهد العابد العارف الورع، الذي تشهد الدنيا بورعه وزهده وعلمه، ومن أنكر ذلك فكأنما أنكر ضوء الشمس في رابعة النهار:
وكيف يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وإنما ذكرنا ما ذكرناه من باب النصيحة كما أسلفنا، وإلا فقد قال نبينا ﷺ: «إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث»، ولله در من قال:
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ... جاءت محاسنه بألف شفيع
وأجمِل بقول القائل:
فإن يكن الفعل الذي ساء واحدًا ... فأفعاله اللاتي سررن كثير.
1 / 17
نقلها كما اقتراها، لا أنه افتراها، ولا ينبغي التعبد بحديث موضوع، والاغترار بلفظ مصنوع.
وكيف أرتضي لك أن تصلي صلوات الأيام ﴿وأن تذكر الله تعالى بأذكار﴾ ليس فيها كلمة قالها رسول الله ﷺ.
وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه وندب إلى العمل به ما لا حاصل له من الكلام في الفناء والبقاء، والأمر بشدة الجوع، والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد، إلى غير ذلك مما قد كشفت عن عواره في كتابي المسمى بـ "تلبيس إبليس" (١) انتهى.
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ ﴿المتوفى سنة ٧٢٨﴾ في " مجموع الفتاوى ":
«وأما ما في " الإحياء " من الكلام في المهلكات، مثل الكلام على الكبر، والعجب، والرياء، والحسد ونحو ذلك، فغالبه منقول من كلام الحارث المحاسبي في "الرعاية"، ومنه ما هو مقبول، ومنه ما هو مردود، ومنه ما هو متنازع فيه. و" الإحياء " فيه فوائد كثيرة، لكن فيه مواد مذمومة، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد والنبوة والمعاد، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدوًا للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين. وقد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه. وقالوا: «مرضه " الشفاء "» يعني: " شفاء " ابن سينا في الفلسفة. وفيه أحاديث وآثار ضعيفة، بل موضوعة كثيرة، وفيه أشياء من أغاليط الصوفية وترهاتهم، وفيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافق للكتاب والسنة، ومن غير ذلك من العبادات والأدب ما هو موافق للكتاب والسنة، ما هو أكثر مما يرد منه؛ فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس وتنازعوا فيه» ا. هـ.
_________
(١) وراجع لذلك أيضًا كتاب العلامة ابن قيم الجوزية ﵀ ﴿المتوفى سنة ٧٥١ هـ﴾ المسمى بـ " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان "، فإنه من أحسن ما صُنف في هذا الباب.
1 / 18
ولهذا صح عزمي أن أقدم كتاب "بداية الهداية" للإمام الغزالي ﵀ للمكتبة الإسلامية بعد تهذيبه مما علق به من أحاديث لا تصح عن النبي ﷺ وما أكثرها!، ومن أقوال وأفعال استحسنها الإمام وارتآها وقال أهل العلم: لا دليل عليها. وأضفت إلى ذلك مما صح ما يغني عنها، بل ويربو عليها.
وقد بذلت جهدًا أحتسبه في تخريج الأحاديث التي أوردتها، وهي - إن شاء الله - ثابتة عن رسول الله ﷺ برمتها، وفيها غنية عن غيرها، لمن أراد أن يزكي نفسه ويرقق قلبه بها، لا بالأحاديث المكذوبة الموضوعة، ولا الآثار والقصص المفتعلة المختلقة المصنوعة؛ فإن الله لم يجعل شفاء أمة محمد فيما حرم عليها.
ولم ألتزم ذكر ألفاظ الإمام بعينها، بل قد أذكرها بالمعنى، وزدت في متن الكتاب أشعارًا وآثارًا أشبه بمستطاب الجَنَى، فضلًا عن حواشي أرى أن ليس عنها غنى (١).
وبعد هذا أذكرك أخي بقول أبي القاسم الحريري ﵀ في "ملحة الإعراب":
إن تجد عيبًا فسد الخللا ... فجل من لا يسهو وعلا
«فإني من بعد ذلك موقن بالقصور بين أهل العصور، معترف بالعجز عن
المَضَاء في مثل هذا القضاء، راغب من أهل اليد البيضاء، والمعارف المتسعة الفضاء، النظرَ بعين الانتقاد لا بعين الارتضاء، والتغمد لما يعثرون عليه بالإصلاح والإغضاء؛ فالبضاعة بين أهل العلم مزجاة، والاعتراف من اللوم منجاة، والحسنى من الإخوة مرتجاة» (٢).
وأنا سائل أخًا انتفع بشيء من هذا الكتاب أن لا يغفل عن دعوة بظهر الغيب للإمام الغزاليّ، وكذا لي ولوالديّ، ولأصحاب الحقوق عليّ، وليبشر؛ فقد قال
_________
(١) ووسمت صنيعي هذا بـ "بلوغ الغاية من تهذيب بداية الهداية".
(٢) اقتباس من كلام العلامة ابن خلدون ﵀ في "مقدمته" المشهورة، ص١١ بتحقيقي ط/دار العقيدة للتراث بالاسكندرية.
1 / 19
النبيّ ﷺ: «دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل» (١).
وإني لأبتهل إلى الله ﵎ أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه الكريم، وأن يدخر لي ثوابه ﴿يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم﴾ (الشعراء: ٨٨، ٨٩)، وأن يوفقني ووالدي ومشايخي وسائر أقاربي وأحبابي ومن أحسن إلينا بحسن النيات، وأن ييسر لنا الطاعات، وأن يهدينا لها دائمًا في ازدياد حتى الممات، وأن يجود علينا برضاه ومحبته ودوام طاعته والجمع بيننا في دار كرامته وغير ذلك من أنواع المسرات، وأن ينفعنا أجمعين ومن يقرأ في هذا الكتاب به، وأن يجزل لنا المثوبات، وأن لا ينزع منا ما وهبه لنا ومَنَّ به علينا من الخيرات، وأن لا يجعل شيئًا من ذلك فتنة لنا وأن يعيذنا من كل شيء
من المخالفات؛ إنه مجيب الدعوات جزيل العطيات (٢). والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وكتب
أبو عبد الرحمن البحيري
وائل بن حافظ بن خلف
غفر الله له ولوالديه، وأحسن إليهما وإليه
مساء الأحد الرابع عشر من شهر رمضان المبارك لسنة ١٤٢٩هـ
الموافق: الرابع عشر من شهر سبتمبر لسنة ٢٠٠٨ مـ
كفر الدوار - البحيرة- جمهورية مصر العربية
_________
(١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٩٥ - ١٩٦)، (٦/ ٤٥٢)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٦٢٥)، ومسلم في "صحيحه" (٢٧٣٣)، وابن ماجه (٢٨٩٥).
(٢) اقتباس من مقدمة الإمام النووي ﵀ لشرح "صحيح مسلم"، المسمى: "المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج".
1 / 20
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
اعلم أيها الحريص المقبل على اقتباس العلم المظهر من نفسه صدق الرغبة وفرط التعطش إليه: أنك إن كنت تقصد بالعلم المنافسة والمباهاة، والتقدم على الأقران، واستمالة وجوه الناس إليك، وجمع حطام الدنيا؛ فأنت ساع في هدم دينك وإهلاك نفسك وبيع دنياك بآخرتك. فصفقتك خاسرة، وتجارتك بائرة، ومعلمك معين لك على عصيانك، وشريك لك في خسرانك، وهو كبائع سيف لقاطع طريق؛ فالدال على الشر كفاعله.
وإن كانت نيتك وقصدك بينك وبين الله تعالى من طلب العلم: الهداية دون مجرد الرواية؛ فأبشر فإن الملائكة تبسط لك أجنحتها إذا مشيت، وحيتان البحر تستغفر لك إذا سعيت.
ولكن ينبغي لك أن تعلم قبل كل شيء أن الهداية التي هي ثمرة العلم لها بداية، ونهاية، وظاهر، وباطن.
ولا وصول إلى نهايتها إلا بعد إحكام بدايتها، ولا عثور على باطنها إلا بعد الوقوف على ظاهرها.
وها أنا مشير عليك ببداية الهداية لتجرب بها نفسك، وتمتحن بها قلبك، فإن صادفت قلبك إليها مائلًا، ونفسك بها مطاوعة ولها قابلة؛ فدونك التطلع إلى النهايات، والتغلغل في بحار العلوم.
وإن صادفت قلبك عند مواجهتك إياها بها مسوفًا، وبالعمل بمقتضاها مماطلًا؛ فاعلم أن نفسك المائلة إلى طلب العلم هي النفس الأمارة بالسوء، وقد انتهضت مطيعة للشيطان اللعين ليدليك بحبل غروره، فيستدرجك بمكيدته إلى غمرة الهلاك، وقصده أن يروج عليك الشر في معرض الخير حتى يلحقك ﴿بِالأخسَرينَ أَعمالًا الَّذين ضَلَ سَعيُهُم في الحَياةِ الدُنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعا﴾ (الكهف: ١٠٣، ١٠٤).
1 / 21
وعند ذلك يتلو عليك الشيطان فضل العلم ودرجة العلماء وما ورد فيه من الأخبار والآثار، ويلهيك عن مثل قوله ﷺ: «يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ ألم
تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه» (١).
وكان من دعاء النبي ﷺ: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها» (٢).
فإياك يا مسكين أن تذعن لتزويره فيدليك بحبل غروره. فويل للجاهل حيث لم يتعلم مرة واحدة، وويل للعالم حيث لم يعمل بما علم ألف مرة.
واعلم أن الناس في طلب العلم على ثلاثة أحوال:
١ - رجل طلب العلم ليتخذه زاده إلى المعاد، ولم يقصد به إلا وجه الله والدار الآخرة؛ فهذا من الفائزين.
٢ - ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة، وينال به العز والجاه والمال وهو عالم بذلك مستشعر في قلبه ركاكة حاله وخسة مقصده؛ فهذا من المخاطرين، فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه من سوء الخاتمة وبقي أمره في خطر المشيئة، وإن وفق للتوبة قبل حلول الأجل وأضاف إلى العلم العمل، وتدارك ما فرط منه من الخلل؛ التحق بالفائزين، فإن «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» (٣).
_________
(١) أخرجه الإمام البخاري (٣٢٦٧، ٧٠٩٨)، والإمام مسلم (٢٩٨٩) من حديث أسامة بن زيد بن حارثة ﵃.
(٢) رواه مسلم (٢٧٢٢) من حديث زيد بن أرقم ﵁.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤٢٥٠) والطبراني في "المعجم الكبير" (ج١٠/رقم١٠٢٨١) وغيرهما بسند منقطع، ولكن للحديث شواهد؛ ولذا حسنه الحافظ ابن حجر ﵀ في "الفتح" تحت الحديث رقم (٧٥٠٧)، ورمز الحافظ السيوطي لحسنه في "الجامع الصغير" (٣٣٨٥)، وراجع "السلسلة الضعيفة" للشيخ ناصر الدين الألباني (٦١٥)، و"فيض القدير شرح الجامع الصغير" للعلامة المناوي (٣/ ٣٥٥) ط/ مكتبة مصر.
1 / 22
٣ - ورجل ثالث استحوذ عليه الشيطان، فاتخذ علمه ذريعة إلى التكاثر بالمال والتفاخر بالجاه والتعزز بكثرة الأتباع، يدخل بعلمه كل مدخل رجاء أن يقضي من الدنيا وطره، وهو مع ذلك يضمر في نفسه أنه عند الله بمكانة لاتسامه بسمة العلماء وترسمه برسومهم في الزي والمنطق مع تكالبه على الدنيا ظاهرًا وباطنًا؛ فهذا من الهالكين ومن الحمقى المغرورين؛ إذ الرجاء منقطع عن توبته لظنه أنه من المحسنين، وهو غافل عن قوله تعالى: ﴿يَأيُها الَّذين آمنوا لِمَ تَقولون ما لا تَفعَلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون﴾ (الصف: ٢، ٣).
وهو ممن قال فيهم رسول الله ﷺ: «غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال، الأئمةَ المضلين» (١).
وهذا لأن الدجال غايته الإضلال، ومثل هذا العالم - وإن صرف الناس عن الدنيا بلسانه ومقاله - فهو دافع لهم إليها بأعماله وأحواله، ولسان الحال أفصح من لسان المقال، وطباع الناس إلى المساعدة في الأعمال أميل منها إلى المتابعة في الأقوال، فما أفسده هذا المغرور بأعماله أكثر مما أصلحه بأقواله؛ إذ لا يستجرئ الجاهل على الرغبة في الدنيا إلا باستجراء العلماء، فقد صار علمه سببًا لجرأة عباد الله على معاصيه، ونفسه الجاهلة - مع ذلك - تمنيه وترجيه، وتدعوه إلى أن يمن على الله بعلمه، وتخيل إليه نفسه أنه خير من كثير من عباد الله.
فكن أيها الطالب من الفريق الأول واحذر أن تكون من الفريق الثاني، فكم من مسوف عاجله الأجل قبل التوبة فخسر، وإياك ثم إياك أن تكون من الفريق الثالث فتهلك هلاكًا لا يُرجى معه فلاحك.
_________
(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ١٤٥)، وفي إسناده ابن لهيعة، وله شواهد، وجود إسناده الحافظ العراقي كما في "الفيض" (٤/ ٥٢٥)، وفيه: «قوله: "الأئمةَ المضلين" كذا وقع في هذه الرواية بالنصب، وتقديره: أعني الأئمة المضلين. وإن جار بالرفع فتقديره: الأئمةُ المضلون أخوف من الدجال، أو: غير الدجالِ الأئمةُ».
1 / 23
فإن قلت: فما بداية الهداية لأجرب بها نفسي؟
فاعلم أن بدايتها ظاهرة التقوى (١)،
ونهايتها باطنة التقوى، فلا عاقبة إلا بالتقوى ولا هداية إلا للمتقين.
_________
(١) أصل التقوى: وَِقوى - بكسر أوله وقد يفتح - من الوقاية، أبدلت الواو تاء كـ"تراث"، و"تخمة". وهي: ما يستر الرأس، فهي اتخاذ وقاية تقيك مما تخافه وتحذره، فتقوى العبد لله أن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقيه منه، وهي امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه بفعل كل مأمور به، وترك كل منهي عنه، بحسب الطاقة، مَن فعل ذلك فهو من المتقين. ا. هـ من "دليل الفالحين".
وقال الإمام أحمد: «التقوى: ترك ما تهوى لما تخشى».
ولله در من قال: «التقوى: أن يجدك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك».
وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسند صححه العماد ابن كثير في "التفسير" (٢/ ٥١)، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح والآخر ضعيف - كما قال الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٣٢٦) - عن ابن مسعود ﵁ في تفسير قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته» قال: «أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر».
وقد روى الإمام ابن أبي شيبة في كتاب "الإيمان" (ص٣٩رقم٩٩)، والأمام المبارك عبد الله بن المبارك في "الزهد" (١٣٤٣)، والإمام هناد بن السري في "الزهد" (٥٢٠)، والإمام البيهقي في "الزهد الكبير" (٩٦٥) عن عاصم الأحول قال: لما وقعت فتنة ابن الأشعث قال طلق ابن حبيب: «اتقوا الفتنة بالتقوى».
فقال بكر بن عبد الله: أجمل لنا التقوى في يسير.
فقال: «التقوى: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء رحمة الله. والتقوى: ترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله» ا. هـ.
وقد روى الإمام البيهقي في "الزهد الكبير" قبل هذا الأثر أثرين:
الأول:
بسند فيه نظر عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: قال رجل لأبي هريرة: ما التقوى؟ فقال أبو هريرة: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟
قال الرجل: نعم.
قال: فكيف صنعت؟
قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه.
فقال: ذاك التقوى ا. هـ
وقد أخذ ابن المعتز هذا المعنى من أبي هريرة، فقال:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.
الأثر الثاني: رواه البيهقي من طريق عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي، أن عمر بن عبد العزيز كان يقول: «ليس تقوى الله بصيام الدهر ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رُزق بعد ذلك خيرًا؛ فهو خير إلى خير».
1 / 24
والتقوى: عبارة عن امتثال أوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه، فهما قسمان.
وهأنا أشير عليك بجمل مختصرة من ظاهر علم التقوى في القسمين جميعًا، وألحق قسما ثالثًا؛ ليصير هذا الكتاب جامعًا مغنيًا، والله المستعان.
1 / 25
القسم الأول
في
الطاعات
1 / 27
توطئة
اعلم أن أوامر الله تعالى فرائض، ونوافل.
فالفرض: رأس المال، وهو أصل التجارة وبه تحصل النجاة. والنفل: هو الربح وبه الفوز بالدرجات، قال ﷺ: «إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» (١)، ولن تصل أيها الطالب إلى القيام بأوامر الله تعالى إلا بمراقبة قلبك وجوارحك في لحظاتك وأنفاسك، من حين تصبح إلى حين تمسى.
فاعلم أن الله تعالى مطلع على ضميرك، ومشرف على ظاهرك وباطنك، ومحيط بجميع لحظاتك وخطراتك وخطواتك وسائر سكناتك وحركاتك، وأنك في مخالطتك وخلواتك متردد بين يديه فلا يسكن في الملك والملكوت ساكن، ولا يتحرك متحرك إلا وجبار السماوات والأرض مطلع عليه ﴿يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور﴾ (غافر: ١٩) و﴿يعلم السر وأخفى﴾ (طه: ٧).
فتأدب أيها المسكين ظاهرًا وباطنًا بين يدي الله تعالى تأدب العبد الذليل المذنب في حضرة الملك الجبار القهار، واجتهد ألا يراك مولاك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك، ولن تقدر على ذلك إلا بأن توزع أوقاتك وترتب أورادك من صباحك إلى مسائك.
فاصغ إلى ما يلقى إليك من أوامر الله تعالى عليك من حين تستيقظ من منامك إلى وقت رجوعك إلى مضجعك.
_________
(١) أخرجه الإمام البخاري (٦٥٠٢)، وابن حبان (٣٤٧ - إحسان)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (ج١ص٧) ط/ مكتبة الإيمان بالمنصورة، والبيهقي في "السنن الكبرى" (ج٣ص٣٤٦)، و(ج١٠ص٢١٩)، وفي "الأسماء والصفات"، وفي "الزهد الكبير" (٦٩٦). وراجع "جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب الحنبلي (٣٨)، و"فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني ﵀ (١١/ ٤٠٠ - ٤٠٧) طـ/دار الحديث، و"السلسلة الصحيحة" للشيخ ناصر الدين الألباني ﵀ (١٦٤٠).
1 / 29
فصل
في آداب الاستيقاظ من النوم
فإذا استيقظت من النوم فاجتهد أن تستيقظ قبل طلوع الفجر، وليكن أول ما يجري على قلبك ولسانك ذكر الله تعالى، فقل عند ذلك:
- «الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور» (١).
- «الحمد لله الذي عافاني في جسدي، ورد علي روحي، وأذن لي بذكره» (٢).
- ثم اقرأ الآيات من آخر سورة آل عمران ﴿إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ...﴾ إلى آخر السورة (٣).
_________
(١) أخرجه البخاري (٦٣١٢، ٦٣١٤، ٦٣٢٤، ٧٣٩٤)، وأبو داود (٥٠٤٩)، والترمذي في "جامعه" (٣٤١٧)، وفي "الشمائل المحمدية" (٢٤٥)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٧٤٧، ٧٤٨)، وابن ماجه (٣٨٨٠)، والإمام أحمد (٥/ ٣٨٥، ٣٩٧، ٣٩٩) وفي مواضع أخر، والدارمي (٢٦٨٦)، وابن حبان (٥٥٣٢، ٥٥٣٩)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٨، ٧٠٨) من حديث حذيفة ﵁، وأخرجه مسلم (٢٧١١) من حديث البراء بن عازب ﵁.
(٢) أخرجه الترمذي (٣٤٠١)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٨٦٦)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٩) وصحح إسناده الإمام النووي ﵀ في "الأذكار"!، ونازعه الحافظ ابن حجر ﵀ في "نتائج الأفكار" ومال إلى تحسينه؛ لأجل الاختلاف في محمد بن عجلان، وأقره الحافظ السيوطي ﵀ في "تحفة الأبرار بنكت الأذكار"، ورمز لحسنه في "الجامع الصغير" (٤٣٧) فأصاب، ولكنه قصر حين اقتصر في عزوه على ابن السني تقليدًا منه للإمام النووي ﵀، وقد تعقبه العلامة المناوي ﵀ في "الفيض" (١/ ٣٦٢) قائلًا: «رمز لحسنه، وظاهر اقتصاره على ابن السني أنه لم يخرجه أحد من الستة، ولا كذلك، بل رواه الترمذي والنسائي، وقال مغلطاي: «ليس لحديثي عزو حديث في أحد الستة لغيرها إلا لزيادة ليست فيها، أو لبيان سنده ورجاله» ا. هـ وهذه فائدة نفيسة طالما غفل عنها كثيرون، وقل من نبه عليها من أهل العلم، فكن منها على ذُِكر.
(٣) انظر "موطأ مالك" (١/ ١٢١ - ١٢٢/ ١١)، "مسند أحمد" (٢١٦٤، ٣٣٧٢ - شاكر)، "صحيح البخاري" (١٨٣، ٤٥٦٩، ٤٥٧٠، ٤٥٧١، ٤٥٧٢)، ومسلم (٧٦٣/ ١٨٢ - ١٩١ - عبد الباقي)، "سنن أبي داود" (١٣٦٧)، والترمذي في "الشمائل" (٢٥٤)، والنسائي (١٦٢٠)، وابن ماجه (١٣٦٣)، وابن خزيمة (١٦٧٥).
1 / 30
وعليك بالسواك؛ فإن النبي ﷺ كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ به (١).
فإذا لبست ثيابك فانو به امتثال أمر الله تعالى في ستر عورتك، واحذر أن يكون قصدك من لباسك مراءاة الخلق فتخسر، وقل عند لبس الثوب:
«الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة» (٢)؛ ففي الخبر أن من قال ذلك غُفر له ما تقدم من ذنبه.
وإن كان الثوب جديدًا فقل عند لبسه:
«اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» (٣).
_________
(١) أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١١٧) (٥٩٧٩ - شاكر) من حديث عبد الله بن همر ﵄ بسند صححه العلامة أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر، وحسنه العلامة أبو عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٢١١١).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٤٣٩)، وأبو داود (٤٠٢٣)، والترمذي (٣٤٥٨)، وابن ماجه (٣٢٨٥)، والدارمي (٢٦٩٠)، وأبو يعلى (٣/ ١٤٨٨، ١٤٩٨)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٢٧١)، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وصححه الحاكم!، وحسنه الحافظ في "نتائج الأفكار"، وهو كما قال.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣٠، ٥٠)، وأبو داود (٤٠٢٠، ٤٠٢١، ٤٠٢٢)، والترمذي (١٧٦٧)، وفي "الشمائل" (٥٩)، وأبو يعلى (٢/ ١٠٧٩، ١٠٨٢)، وابن السني في "عمل اليوم" (١٤، ٢٧٠)، وصححه ابن حبان (٥٤٢٠، ٥٤٢١ - إحسان)، والحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: " حديث حسن غريب صحيح "، ورمز السيوطي لصحته في "الجامع الصغير" (٦٥٦٢).
1 / 31
باب
آداب دخول الخلاء
فإذا قصدت بيت الماء لقضاء الحاجة فقدم في الدخول رجلك اليسرى وفي الخروج رجلك اليمنى، ولا تستصحب شيئًا عليه اسم الله تعالى، ولا تدخل حافي القدمين.
وقل عند الدخول: «بسم الله» (١)
و«اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» (٢).
وعند الخروج: «غفرانك» (٣).
وإن كنت في الصحراء فابعد عن عيون الناظرين واستتر بشيء إن وجدته، ولا تكشف عورتك قبل الانتهاء إلى موضع الجلوس، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولا تجلس في متحدث الناس، ولا تبل في الماء الراكد، وتحت الشجرة
_________
(١) انظر "جامع الترمذي" (٦٠٦)، و"سنن ابن ماجة" (٢٩٧)، و"عمل اليوم والليلة" لابن السني ﵀ (٢٠، ٢١)، و"إرواء الغليل" للشيخ ناصر الدين الألباني (١/ ٨٧ - ٩٠) (٥٠).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٩٩، ١٠١، ٢٨٢)، والبخاري (١٤٢، ٦٣٢٢)، وفي "الأدب المفرد" (٦٩٢)، ومسلم (٣٧٥)، وأبو داود (٤، ٥)، والترمذي (٥، ٦)، والنسائي (١٩)، وفي "عمل اليوم والليلة" (٧٤)، وابن ماجه (٢٩٨)، والدارمي (٦٦٩)، وأبو يعلى (٣٩٠٢، ٣٩١٤)، وابن حبان (١٤٠٧)، وابن الجارود في "المنتقى" (٢٨)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (١٧).
(٣) رواه الإمام أحمد (٦/ ١٥٥)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٦٩٣)، وأبو داود (٣٠)، والترمذي (٧) وحسنه، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٧٩)، وابن ماجه (٣٠٠)، والدارمي (٦٨٠)، وصححه ابن خزيمة (٩٠)، وابن حبان (١٤٤٤)، والحاكم، ووافقه الذهبي، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (٢٣)، والحديث صححه أيضًا الإمام الكبير أبو حاتم الرازي ﵀ كما نقل ذلك الحافظ في "بلوغ المرام" وأقره، وصرح بصحته في "نتائج الأفكار"، ومن قبله النووي في "المجموع"، وفي "الأذكار"، وراجع "فيض القدير" (٥/ ١٦٢).
تنبيهان:
الأول: لم يصح من أذكار الخروج من الخلاء سوى هذا الذكر، وقد نبه على ذلك جماعة من أهل العلم، منهم العلامة المناوي ﵀ في "الفيض" (٥/ ١٦٢).
الثاني: سقط هذا الحديث من "المسند" طبعة دار الحديث بالقاهرة (١٧/ ٥٤٥) برقم (٢٥٠٩٨)، فيستفاد استدراكه من هنا.
1 / 32